وممن رأيته تبعه على ذلك وزاد عليه أخي العبد الصالح الشيخ أحمد الهنيدي المقيم بناحية منبوبة تجاه بولاق بمصر المحروسة لا يمل من حفر الآبار وسقي الماء وحمله إلى الأسقية ، تارة يحمله في يديه وتارة على حمارته رضي الله عنه ، وكان على هذا القدم جدي الشيخ نور الدين الشعرواي كان وظيفته في كل يوم يملأ سبيل الجامع وسبيل الزاوية وسبيلا آخر في وسط البرية ، يقوم لذلك من الليل فيملؤها قبل الفجر ثم يملأ المطهرة وحيضان بيوت الخلاء كذلك قبل الفجر رضي الله تعالى عنه : وكل ميسر لما خلق له . وفائدة ذكرنا مناقب الرجال إنما ليتنبه الفقير لتخلفه عن مقامات الرجال ، فيعرف نقص نفسه عن العمل بأخلاقهم ولا يقنع بلبس الصوف والجلوس على سجادة يخبط في دين الله ، تارة بالرأي وتارة بالوهم ، وتارة يتكلم في الله بما لا يليق بجلاله وعظمته ، حتى إني سمعت بعضهم يقول : ما ثم موجود إلا الله فقلت له ، فأنت إيش ؟ فقال كلاما والله لو كان معي شاهد آخر يشهد لذهبت به إلى حكام الشريعة يضربون عنقه ، ولم يكن هذا الأمر في الأشياخ الذين أدركناهم إنما هو الزهد والورع واتباع السنة المحمدية رضي الله عنهم أجمعين . فإياك أن تجالس من يتكلم في الذات والصفات بغير ما صرحت به الشريعة أو تصغي لقوله ، والله يتولى هداك : * ( وهو يتولى الصالحين ) * . روى الشيخان وغيرهما أن رجلا قال : يا رسول الله أي الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام ، وتقري السلام على من عرفت ومن لم تعرف . وروى الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة قال : قلت يا رسول الله أخبرني بشئ إذا عملته دخلت الجنة قال : أطعم الطعام وأفش السلام وصل الأرحام وصل بالليل والناس نيام تدخل الجنة بسلام . وروى أبو الشيخ مرفوعا : خياركم من أطعم الطعام .