في المسعى ويخبر بالسعر الغالي زيادة على الناس وينظر ، فكل من اشترى منه بالزيادة على السعر يعرف أنه مضطر فيعطيه ما اشتراه بلا ثمن ويأمره بالكتمان ، فعلم بذلك غالب أهل مكة فكان يعطيهم كذلك حتى أنه لم يأخذ درهما واحدا في بعض السنين ، فقيل له إن كان ولا بد لك من العطاء للناس بلا ثمن فتصدق أنت به ، فقال البيع أستر لنا من الصدقة وكذلك كان يفعل في الثياب التي يفرقها يأمرهم بالكتمان فيها ، وكل من تكلم بذلك يرسل يأخذ الثوب منه ويقول : يا ولدي غلطنا والثوب لشخص غيرك ، حتى لا يصير يتكلم بعد ذلك بشئ . وكان أخي أفضل الدين رحمه الله يأخذ صدقات أصحابه ويجمعها عنده للفقراء ويقول لهم : إن جماعة من التجار أرسلوا لي على اسمكم شيئا من الفضة والذهب لأفرقه عليكم ثم يخلط على ذلك أضعافه ويفرقه عليهم بحيث لا يعلم أحد من الخلق بذلك ، ولولا أني رأيته فعل ذلك وهو لا يشعر بي ما أعلمني به ، وكان بعض من لا يعرف مقامه يتهمه بأنه اختلس من مال الفقراء لنفسه ويبلغه ذلك عنه فيتبسم ولا يجب عن نفسه شيئا . فبهدى هذه الأشياخ يا أخي اقتده بمضاعفة الأجور ورضا الرب ، والله يتولى هداك : * ( وهو يتولى الصالحين ) * . روى الشيخان وغيرهما مرفوعا : " " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله . فذكر منهم ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " " . روى الترمذي واللفظ له والبيهقي وغيرهما مرفوعا : لما خلق الله الأرض جعلت تميد فأرساها بالجبال فاستقرت فعجبت الملائكة من شدة الجبال ، فقالت : يا ربنا هل خلقت خلقا أشد من الجبال ؟ قال : نعم الحديد ، قالوا : فهل خلقت خلقا أشد من الحديد ؟ قال النار ؟ قالوا : فهل خلقت خلقا أشد من النار ؟ قال : الماء قالوا : فهل خلقت خلقا أشد من الماء ؟ قال