والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم . روى مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه : " " اللهم غني أعوذ بك من نفس لا تشبع ومن علم لا ينفع " " . روى الشيخان وغيرهما مرفوعا : " " يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون : يا فلان ما شأنك أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟ فيقول : كنت آمركم بالخير ولا آتيه وأنهاكم عن الشر وآتيه " " . وروى البزار وغيره مرفوعا : " " مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل الفتيلة تضئ على الناس وتحرق هي نفسها " " . وروى الطبراني مرفوعا : " " كل علم وباله على صاحبه إلا من عمل به " " . وفي رواية له مرفوعا : " " أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه " " . وروى الإمام أحمد والبيهقي عن منصور بن زاد أنه قال : بلغنا أن العالم إذا لم ينتفع بعلمه يصيح أهل النار من نتن ريحه ويقولون له : ماذا كنت تفعل يا خبيث فقد آذيتنا بنتن ريحك أما يكفيك ما نحن فيه من الأذى والشر فيقول لهم كنت عالما فلم أنتفع بعلمي " " . والله تعالى أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن لا ندعي العلم إلا لغرض شرعي ، ولا نقول أبدا نحن من أعلم الناس لا بلساننا ولا بقلبنا ومن أين لنا ذلك ونحن نعلم أن في بلدنا من هو أعلم منا فضلا عن الإقليم الذي نحن فيه . ثم إذا جرى القدر علينا بدعوى العلم ، ولو في وقت غيظ ، فالواجب علينا أن نبادر إلى التوبة والاستغفار على الفور خوفا من نزول المقت علينا من الله عز وجل ، وهذه مصيبة لا يبتلى بها أحد وهو عاقل أبدا ، فإنه ما من علم طالع العبد فيه وأحاط ببعضه علما إلا وسبقه إليه وإلى وضعه علماء ربما لا يصلح أن يكون هو من طلبتهم . وقد ادعى شخص مرة العلم وقال : والله لا أعلم أن أحدا من أبي بكر الصديق إلى عصرنا هذا أعلم مني في علم من العلوم ، فقام إليه شاب صغير لا لحية له فقال هل أنت أعلم