وروى أبو داود وابن أبي الدنيا عن عبد الله بن أبي المها رضي الله عنه قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث ، فبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها في مكانه فنسيت ، فذكرت ذلك بعد ثلاثة أيام فجئت ، فإذا هو بمكانه فقال : يا فتى ، لقد شققت علي ، أنا ههنا منذ ثلاث أنتظرك . وروى الشيخان مرفوعا : " " علامة المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان " " . والأحاديث في ذلك كثيرة . والله تعالى أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نحب لله ونبغض لله حتى زوجتنا [ زوجاتنا ؟ ؟ ] وأولادنا وأموالنا وأعمالنا ، فلا يكون لنا في شئ من ذلك علة نفسانية أبدا وهذا العهد من أعز ما يوجد ، فإن غالب الناس يدعي المحبة لله وهو كاذب . وقد أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام : كذب من أدعى محبتي فإذا أجنه الليل نام عني . وسمعت مرة شخصا يقول لأخيه ، يا فلان محبتك لله تشبه محبتي في العبادة ، تنام حتى يعشعش العنكبوت على عينيك وتطلب محبة الله ، هذا زور وبهتان . فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يسلك به الطريق حتى يوقفه في حضرة يشهد فيها وجه نسبة الأمور للحق دون نسبتها للخلق ، فإن شهد ذلك المشهد يجد وجه الحق أجمل من كل جميل وأطيب رائحة من المسك ، فحجبه عن شهود وجه نسبة الأمور للخلق ، وأشهده وجه الخلق بالنسبة لوجه الحق ، كوجه الطاعة إذا تصورت صورة جميلة ووجه المعصية إذا تصورت صورة قبيحة ، فهل يصير أحد يقدم القبيح الصورة والرائحة مثلا ويؤخر الصورة الحسنة الطيبة الرائحة ؟ فهذا هو المراد بوجه الحق تعالى في كلام القوم . وإيضاح ذلك أن كل فعل مخلوق له وجهان : وجه إلى الحق يعني موافقا للشريعة ، ووجه إلى الخلق يعني مخالفا لها ، فكل ما وافق الشريعة فهو وجه الحق وهو باق أبد الآبدين ، وكل ما خالف الشريعة فهو وجه الخلق وهو هالك من وقت ظهوره إلى أبد الآبدين إلا من حيث المؤاخذة عليه في الآخرة ، وإليه الإشارة بقوله تعالى :