وقد كان مالك بن دينار يقول : والله لو حلف إنسان بأن أعمالي أعمال من لا يؤمن بيوم الحساب لقلت له صدقت ، لا تكفر عن يمينك ، فتأمل ذلك واعمل عليه والله يتولى هداك . روى البخاري والترمذي وأبو داود وابن ماجة والطبراني وغيرهم مرفوعا : " " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام يعني أيام عشر ذي الحجة ، قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجلا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشئ " " . وروى الترمذي وابن ماجة والبيهقي مرفوعا : " " ما من أيام أحب إلى الله تعالى أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر " " . وفي رواية للبيهقي : " " إن العمل الصالح فيهن " " يعني في ليالي عشر ذي الحجة " " يضاعف بسبعمائة ضعف " " . وروى البيهقي والأصبهاني بإسناد لا بأس به عن أنس ابن مالك قال : كان يقال في أيام عشر ذي الحجة كل يوم ألف يوم ، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم ، يعني في الفضل ، والله تعالى . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نستعد لوقوف يوم عرفة بتلطيف الكثائف وإزالة الحجب المانعة من قبول الدعاء من الغذاء الحرام ، والثياب الحرام ، ووجود دغل أو حقد أو حسد في القلب لأحد من المسلمين ، فإن تلك مواضع ذل وانكسار ، وبكاء وعويل ، وأكل الحرام ولبسه يقسي قلب العبد ، ومن أعظم دواء لحصول رقة القلب الجوع الشرعي يوم التروية وليلة عرفة ، وهذا أمر قل من يتنبه له من الحجاج فيأكل أحدهم اللحم والطعام حتى يشبع ويطلب رقة قلبه يوم عرفة فلا يقدر ، ويريد يبكي على ذنوبه فلا يقدر ، وقد ورد : القلب القاسي بعيد عن الله ثم بتقدير قربه من الله فهو لا يرجو إجابة دعاءه عقوبة له فلا يستجاب له ، لأن الله تعالى عند ظن عبده به ومن ظن بالله أنه لا يجيب دعاءه لم يجيبه . ثم مما لا يخفى عليك يا أخي ، تحريم رؤيتك نفسك على أحد من الخلق في عرفات