قلت معنى ينزل ربنا أنه ينزل نزولا لائقا بذاته لا يتعقل ، لأنه لا يجتمع مع خلقه في حد ولا حقيقة . ومن فوائد أخبار الصفات امتحان العبد هل يؤمن بها كما وردت ، فيفوز بكمال الإيمان أم يؤولها فيحرم كمال مقام الإيمان . والله تعالى أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نصوم الاثنين والخميس ولا نترك صومهما إلا لعذر شرعي ، وتجب المبادرة إلى إزالة الشحناء قبل صومهما حتى لا يطلع الفجر وبيننا وبين أحد شحناء ، ونظير ما ورد في ليلة النصف من شعبان . ومن العذر للعبد أن يكون الصوم يضر بدنه أو عقله لانحراف مزاجه عن مقام الاعتدال ، وكل أحد مؤتمن على ما يدعيه في نفسه من ذلك ، وكذلك من العذر أن يتعاطى العبد الأعمال الشاقة المأمور بها في طريق الكسب الشرعي ، كالحرث والحصاد والدراس وسد الجسور وجرفها وتخمير الطين ، وحمله إلى البناء من بكرة النهار إلى آخره ، ونحو ذلك ، فلا يؤكد على هؤلاء صيام الاثنين والخميس ونحوهما من النوافل إلا أن تبرعوا بأنفسهم وصاموا ، مع أن رخصة الله تعالى لهم أتم وأكمل ، لأنهم ربما أخلوا بأعمال أخر أفضل مما فعلوه . فاتبع يا أخي الشرع ، وكن من المتبعين ولا تكن من المبتدعين ، واخف صومك إن خفت أن أحدا يمدحك على ذلك وتميل نفسك إليه . وسمعت سيدي عليا الخواص يقول : إنما قال صلى الله عليه وسلم : فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم . لأن كل يوم الاثنين والخميس أوقات رضا ، ولأوقات الرضا مزية على أوقات الغضب ، فأين من يرفع حاجته في وقت رضا الملك ممن يرفعها في وقت غضبه ؟ فتأمل ذلك ، والله يتولى هداك * ( وهو يتولى الصالحين ) * . روى الترمذي وقال حديث حسن مرفوعا : " " تعرض أعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم " " . وروى مالك وأبو داود والترمذي والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم الاثنين والخميس ، فقال رجل : يا رسول الله إنك تصوم الاثنين والخميس فقال :