وكذلك تجب المبادرة إلى بر الوالدين على كل من كان عاقا لوالديه ، وكذلك يجب علينا إذا كان أحد من معارفنا عشارا أو مكاسا أن نأمره بالتوبة عن تلك الوظيفة والعزم على أن لا يعود إليها لينال المغفرة تلك الليلة ، فإن الله تعالى أخبر أنه لا يغفر لأهل هذه الذنوب ولا يرفع لهم إلى السماء عملا ، وذلك عنوان الغضب من الله تعالى عليهم ، نسأل الله اللطف . فاعلم أن التوبة عن هذه الأمور وإن كانت واجبة على الدوام فهي في ليلة النصف آكد كما قالوا يستحب للصائم أن يصون لسانه عن الغيبة والنميمة في رمضان ، ومعلوم أن ذلك واجب في رمضان وغيره ، ولكن لما توقف كمال العبادة على ذلك استحب من تلك الحيثية فافهم . والله تعالى أعلم . روى الطبراني وابن حبان في صحيحه مرفوعا : " " يطلع الله تعالى إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن " " . وروى البيهقي مرفوعا : " " أتاني جبريل عليه السلام فقال : هذه ليلة النصف من شعبان ، ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم بني كلب ، لا ينظر الله إلى مشرك ولا إلى مشاحن ، ولا إلى قاطع رحم ، ولا إلى مسبل إزاره ، ولا إلى عاق لوالديه ولا إلى مدين خمر " " . وفي رواية الإمام أحمد فيغفر لعباده إلا اثنين مشاحن أو قاتل النفس . وفي رواية للبيهقي مرفوعا : " " يطلع الله على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ، ويرحم المسترحمين ، ويؤخر أهل الحقد كماهم " " . وروى ابن ماجة مرفوعا : " " إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلتها وصوموا يومها ، فإن الله تبارك وتعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا ، فيقول : ألا من مستغفر فأغفر له ، ألا من مسترزق فأرزقه ، ألا من مبتل فأعافيه ألا كذا ، ألا كذا حتى يطلع الفجر " " .