الكلام معكم في ثنتين أن مراد بهذا القول الاستخلاف في حال الحياة فكان التنزيل منزلة هارون من موسى ومنزلة هارون من موسى في الاستخلاف لم تحقق إلا في الحال الحياة فثبت أن المراد به ما تحقق لا أمر آخر وراء ذلك وإنما يتم متعلقكم منه أن لو حصل استخلاف هارون بعد وفاه موسى ثم نقول هب أن المراد الاستخلاف عنه الذهاب إلى الرب فلم قلتم إن ذلك بالموت وإنما يكون ذلك أن لو لم يكن إلا به وهو ممنوع والذهاب إلى الرب سبحانه وتعالى في الحياة أيضاً وهل كان ذهاب موسى إلى ربه إلا في حال حياته والصلاة مناجاة والدعاء كذلك والحجاج والعمار وقد الله فهل يكون الذهاب إلى شيء من ذلك إلا ذهاباً إلى الرب حقيقة ومطابقتها أوقع من مطابقة الذهاب بالموت . فكل ذاهب إلى طاعة ربه ذاهب إلى ربه لأنه متوجه إليه به وإن كان في بعض التوجه أوقع منه في غيره هذا لا نزاع فيه فيكون النبي صلى الله عليه وسلم استخلف علياً وهو ذاهب إلى ربه بالخروج إلى طاعته بالجهاد كما استخلف موسى هارون في حال حياته ذاهباً إلى ربه والله أعلم . الوجه الثاني أن سياق هذا القول خبر ولو كان المراد به ما بعد الوفاة لوقع لا محالة كما وقع كما أخبر عن وقوعه فإن خبره صلى الله عليه وسلم حق وصدق : " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " ولما لم يقع علم قطعاً أنه لم يرد ذلك . وقوله إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي المراد به والله أعلم خليفتي في أهلي فإنه صلى الله عليه وسلم لم يستخلف إلا عليهم والقرابة مناسبة لذلك واستخلف صلى الله عليه وسلم على المدينة محمد بن مسلم الأنصاري وقيل سباع بن عرفطة ذكره ابن إسحاق وقال خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك علياً على أهله وأمره بالإمامة فيهم فأرجف المنافقون على علي وقالوا ما خلفه إلا