( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة ) [ يونس : 26 ] والذين أحسنوا هم أهل الإحسان ، والإحسان أن يعبد العبد ربه كأنه يراه ، كما فسره النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لما سأله عنه جبريل عليه السلام ، فجعل جزاء الإحسان الحسنى ، وهو الجنة ، والزيادة ، وهي النظر إلى وجه الله عز وجل ، كما فسره بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، في حديث صهيب وغيره .
قال جعفر بن سليمان : سمعت أبا عمران الجوني قال : إن الله لم ينظر إلى إنسان قط إلا رحمه ، ولو نظر إلى أهل النار لرحمهم ، ولكن قضى أن لا ينظر إليهم .
وقال أحمد بن أبي الحواري : حدثنا أحمد بن موسى ، عن أبي مريم ، قال :
يقول أهل النار : إلهنا ، ارض عنا وعذبنا بأي نوع شئت من عذابك ، فإن غضبك أشد علينا من العذاب الذي نحن فيه ! ! قال أحمد : فحدثت سلميان بن أبي سليمان ، فقال : ليس هذا كلام أهل النار ، هذا كلام المطيعين لله ، قال : فحدثت به أبا سليمان ، فقال : صدق سليمان بن أبي سليمان - وسليمان وهو ولد أبي سليمان الداراني وكان عارفا كبير القدر رحمه الله - وما قاله حق ، فإن أهل النار جهال لا يتفطنون لهذا ، وإن كان في نفسه حقا ، وإنما يعرف هذا من عرف الله وأطاعه ، ولعل هذا يصدر من بعض من يدخل النار من عصاة الموحدين ، كما أن بعضهم يستغيث بالله لا يستغيث بغيره فيخرج منها ، وبعضهم يخرج منها برجائه لله وحده ، وبعض من يؤمر به إلى النار يتشفع إلى الله بمعرفته فينجيه منها .
قال أبو العباس بن مسروق : سمعت سويد بن سعيد ، يقول : سمعت الفضيل ابن عياض ، يقول : يوقف رجل بين يدي الله عز وجل ، لا يكون معه حسنة ،