نام کتاب : الأذكار النووية نویسنده : النووي جلد : 1 صفحه : 371
أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) [ العنكبوت : 46 ] وقال تعالى : ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) [ النحل : 125 ] وقال تعالى : ( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ) [ غافر : 4 ] فإن كان الجدال للوقوف على الحق وتقريره كان محمودا ، وإن كان في مدافعة الحق ، أو كان جدالا بغير علم كان مذموما ، وعلى هذا التفصيل تنزيل النصوص الواردة في إباحته وذمه ، والمجادلة والجدال بمعنى ، وقد أوضحت ذلك مبسوطا في " تهذيب الأسماء واللغات " . قال بعضهم : ما رأيت شيئا أذهب للدين ، ولا أقص للمروءة ، ولا أضيع للذة ، ولا أشغل للقلب من الخصومة . فإن قلت : لا بد للانسان من الخصومة لاستبقاء حقوقه . فالجواب ما أجاب به الإمام الغزالي : أن الذم المتأكد إنما هو لمن خاصم بالباطل أو بغير علم ، كوكيل القاضي ، فإنه يتوكل في الخصومة قبل أن يعرف أن الحق في أي جانب هو فيخاصم بغير علم . ويدخل في الذم أيضا من يطلب حقه ، لكنه لا يقتصر على قدر الحاجة ، بل يظهر اللدد والكذب للايذاء والتسليط على خصمه ، وكذلك من خلط بالخصومة كلمات تؤذي ، وليس له إليها حاجة في تحصيل حقه ، وكذلك من يحمله على الخصومة محض العناد لقهر الخصم وكسره ، فهذا هو المذموم ، وأما المظلوم الذي ينصر حجته بطريق الشرع من غير لدد وإسراف وزيادة لجاج على الحاجة من غير قصد عناد ولا إيذاء ، ففعله هذا ليس حراما ، ولكن الأولى تركه ما وجد إليه سبيلا ، لان ضبط اللسان في الخصومة على حد الاعتدال متعذر ، والخصومة توغر الصدور ، وتهيج الغضب ، وإذا هاج الغضب حصل الحقد بينهما ، حتى يفرح كل واحد بمساءة الآخر ، ويحزن بمسرته ، ويطلق اللسان في عرضه ، فمن خاصم فقد تعرض لهذه الآفات ، وأقل ما فيه اشتغال القلب حتى إنه يكون في صلاته وخاطره معلق بالمحاجة والخصومة فلا يبقى حاله على الاستقامة . والخصومة مبدأ الشر ، وكذا الجدال والمراء ، فينبغي أن لا يفتح عليه باب الخصومة إلا لضرورة لا بد منها ، وعند ذلك يحفظ لسانه وقلبه عن آفات الخصومة . 1119 - روينا في كتاب الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " كفى بك إثما أن لا تزال مخاصما " [1] .