نام کتاب : الإخوان نویسنده : ابن أبي الدنيا جلد : 1 صفحه : 38
ولكن قد ظهر لي أثناء دراستي لمشايخه ، وتتبع النتف المنثورة - في سيرته وحياته ، أن أحكم بشئ من الثقة : بأن أبى الدنيا لم يرحل خارج العراق إلا لأداء فيضة الحج ، فكان معظم سماعه ببغداد ، سواء من شيوخها النازلين بها ، أو من الشيوخ الوافدين عليها من البلاد الأخرى ، فتكون رحلاته ضمن حدود العراق كالبصرة والكوفة والموصل . وقد استنتجنا ذلك من روايته عن مشايخ بصريين وكوفيين وموصليين . ويؤكد صحته ما ذهبنا إليه : قول الإمام الذهبي : " أنه كان قليل الرحلة " [1] . أي أنه لم ينف عنه الرحلة ، وإنما وصفها بالقلة . ويبدو أن المسوغ له في العزوف عن الرحلة ، والعكوف على بغداد هو ذلك العدد الهائل من العلماء النازلين فيها ، وفيهم سادات الأمة ثقة و عدالة ، وضبطا وإتقانا ، وعلوا في السند ، مع وفرة في المرويات . كأحمد بن حنبل " 241 ه " وسعيد بن سليمان الواسطي سعدويه " ت 225 ه " وخالد بن خداش " ت 223 ه " وأحمد بن منبع " ت 244 ه " وعلي بن الجعد " ت 230 ه ويحيى بن معين " ت 233 ه " . أضف إلى هذا أن بغداد كانت مركز الخلافة والحضارة والعلوم فكان العلماء يأتونها من كل مكان ، وكتاب الخطيب البغدادي " تاريخ بغداد " خير شاهد على هذا . فاستثمر ابن أبي الدنيا هذه المزيلة لبلده ، فكان يتتبع العلماء ، الواردين عليها ، فسمع من البخاري " ت 256 ه " والترمذي وصنيع ابن أبي الدنيا يتسق من آداب طالب الحديث . قال الإمام النووي : " ثم ليفرغ جهده لتحصيله - أي الحديث - بالسماع من شيوخ بلده إسنادا وعلما وشهرة ودينا وغيرة ، فإذا فرغ فليرحل على عادة الحفاظ المبرزين " [2] .
[1] [1] الذهبي - سير النبلاء : 13 / 399 . [2] النووي - تقريب الإرشاد : ص 29 ، وانظر السيوطي - تدريب الراوي : 2 / 142 .
نام کتاب : الإخوان نویسنده : ابن أبي الدنيا جلد : 1 صفحه : 38