وأين ذهبت عانية الصحابة بهذا " المثل " فلم يكتبوه كما كتبوا القرآن في زمن أبي بكر وعند ما نسخ في عهد عثمان ووزعت نسخه على الأمصار ؟
إلا إنهم بإهمالهم هذا الأمر الخطير إنما يكونون قد تركوا " نصف الوحي " بغير تدوين ، ويصبحون بذلك جميعا من الآثمين [1] .
الصحابة ورواية الحديث إذا كانت الآثار الصحيحة قد جاءت في نهي النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن كتابة حديثه ، والأخبار الوثيقة قد ترادفت بأن صحابته قد استمعوا إلى نهيه ، ولم يكتبوا حديثه بعد موته - كما علمت مما مر بك - فإنا نجد هؤلاء الصحابة لم يقف بهم الأمر عند ذلك ، وإنما كانوا يرغبون عن رواية الحديث وينهون عنها وأنهم كانوا يتشددون في قبول الأخبار تشديدا قويا .
روى الذهبي في تذكرة الحفاظ قال : من مراسيل ابن أبي مليكة [2] أن الصديق جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال : إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله ، وحرموا حرامه .
وروى ابن عساكر عن محمد بن إسحاق قال : أخبرني صالح بن إبراهيم