تبوك وغيرها وصدق بعض أزواجه ، وتردد ، في حديث الإفك وضاق صدره به زمنا حتى نزل عليه آيات البراءة فكشفت له الغطاء عن الحقيقة .
قال القاضي عياض [1] : أما أحواله في أمور الدنيا فقد يعتقد الشئ على وجه ويظهر خلافه ، أو يكون منه على شك أو ظن بخلاف أمور الشرع . عن رافع بن خديج [2] قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يأبرون النخل فقال : ما تصنعون ؟ قالوا : كنا نصنعه ، قال : لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرا ، فتركوه فنفضت ، فذكروا ذلك له . فقال : " إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشئ من رأيي فإنما أنا بشر " . وفي رواية أنس " أنتم أعلم بأمر دنياكم " وفي حديث آخر إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن . وفي حديث ابن عباس في قصة الخرص [3] فقال رسول الله : " إنما أنا بشر فما حدثتكم عن الله فهو حق ، وما قلت فيه من قبل نفسي فإنما أنا بشر أخطئ أصيب " . وهذا على ما قررنا فيما قاله من قبل نفسه في أمور الدنيا وظنه من أحوالها ، ولما نزل بأدنى مياه بدر قال له الحباب بن المنذر : أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : لا بل هو الرأي والحرب والمكيدة . قال : فإنه ليس بمنزل ! انهض حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب فنشرب ولا يشربون . فقال : أشرت بالرأي . وفعل ما قاله . وأراد مصالحة بعض عدوه على ثلث تمر المدينة فاستشار الأنصار فلما أخبروه برأيهم رجع عنه . فمثل هذا وأشباهه من أمور الدنيا التي لا مدخل فيها لعلم ديانة ولا اعتقادها ولا تعليمها يجوز عليه فيها ما ذكرناه .
وقال [4] وأما ما يعتقده في أمور أحكام البشر الجارية على يديه وقضاياهم ومعرفة المحق من المبطل ، وعلم المصلح من المفسد فبهذه السبيل ، لقوله صلى الله