في حيز المجهول وهم في حيز الندور ، ومع هذا فالعدالة غير العصمة . وقد غلا الناس فيمن ثبتت صحبته في التعنت في إثبات العدالة ، فلو سلمنا شمول الصحبة ثم العدالة لم يبلغ الأمر إلى الحد الذي عليه غلاة الرواة . ولو نفعت الصحبة نحو بشر بن مروان على فرض الثبوت أو الوليد لتبين لنا ، أن الصحبة لا يضر معها عمل غير الكفر فتكون الصحبة أعظم من الإيمان ، ويكون هذا أخص من مذهب مقاتل وأتباعه من المرجئة . ثم أين أحاديث ( لا تدري ماذا أحدثوا بعدك ) وهي متواترة المعنى ، بل لو ادعى في بعضها تواتر اللفظ لساغ ذلك ، والمدعون للسنة ، ادعوا الصحبة أو ثبوتها لمن لم يقض له بها دليل ، وفرعوا عليها ما ترى . ثم بنوا الدين على ذلك ألم يقل الله ( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) في رجل متيقن صحبته [1] . ولم تزل حاله مكشوفة مع الصحبة ، ومنهم من شرب الخمر [2] ، وما لا يحصى مما سكت عنه رعاية لحق النبي صلى الله عليه وسلم ، ما لم يلجئ إليه ملجئ ديني فيجب ذكره ، ومن أعظم الملجئات ترتب شئ من الدين على رواية مروان والوليد بن عقبة [3] وغيرهما ، فإنها أعظم خيانة لدين الله ومخالفة لصريح الآية الكريمة ، والنقم بذلك لا يعود على جملة الصحابة بالنقص ، بل هو تزكية لهم فإياك والاغترار .
ولا شك أن البخاري من سادات المحدثين الرفعاء - فما ظنك بمن دونه ومع هذا تجنب ( البخاري ) ما لا يحصى من الحفاظ العباد [4] ، كما تخبرك عنه كتب الجرح والتعديل وعلي بن المديني تجنبه مسلم . وقال العجلي في عمر بن سعد ابن أبي وقاص تابعي ثقة روى عنه الناس . وهو الذي باشر قتل الحسين . فقل لي أي جرح في الدين أكبر من هذا ! وهذا تنبيه . وإلا فهذا باب لو فتح وصنف فيه لكان فنا كبيرا ، وكذلك سائر الكلام من المحدثين في مخالفيهم في العقائد فاختبره ، وشاهد هذه الدعوى من كتب الجرح ، فتأمل كلامهم في الموافق والمخالف ، واجعله من شهادة الأعداء وأهل الإحن ، وليتهم جعلوا ذلك باطنا