الجرح والتعديل بعد أن فرغنا من الكلام عن كتب الحديث نأخذ في الكلام عن " الجرح والتعديل " فنقول :
لما كان الوضع قد اقتحم على الرواية وشيبت الأحاديث الصحيحة بغيرها واستساغ أهل الهوى ومن لا دين لهم ، وضع الأحاديث على رسول الله إرضاء لأهوائهم ولاختلاف أحوال الرواة وما يوجد بينهم ممن لم يتصف بصفتي الضبط والعدالة ، وهما الشرطان الواجبان لصحة الرواية ، نهض علماء أجلاء لنقد رواة الحديث لكي يعرف الناس من الوقوف على تاريخهم ، درجة ما يصدر عن رواياتهم ، وقد سموا هذا النقد " بالجرح والتعديل " .
روى مسلم عن محمد بن سيرين قال : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم . وقال : لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا : سموا لنا رجالكم .
وقال النووي : إن جرح الرواة جائز بل واجب بالاتفاق للضرورة الداعية إليه . لصيانة الشريعة المكرمة . وليس هو من الغيبة المحرمة ، بل من النصيحة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والمسلمين .
والنقد قد أمر به القرآن ودعا إليه ، قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " الآية ، وقال : " وأشهدوا ذوي عدل منكم " . وقال : " ممن ترضون من الشهداء " وأثنى فقال : " نعم العبد إنه أواب " وذم فقال : " هماز مشاء بنميم ، مناع للخير متعد أثيم ، عتل بعد ذلك زنيم " .
ونقد الرجال واقع من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وقد سرد ابن عدي - المتوفى سنة 365 في مقدمة كتاب الكامل - جماعة إلى زمنه ، فمن الصحابة ابن عباس ( 67 ) وعبادة بن الصامت ( 34 ) ومن التابعين الشعبي توفي بعد المائة وابن سيرين ( 110 ) وسعيد بن المسيب ( 190 ) .
ويقولون إن شعبة الذي قال في الشعبي إنه أمير المؤمنين في الحديث - هو أول