لما رأوا الأكثرين إنما قالوا فيه ، فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين من غير تعرض لذكر البسملة ، وهو الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في الصحيح ، ورأوا أن من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له . ففهم من قوله كانوا يستفتحون بالحمد ، أنهم كانوا لا يبسلمون ، فرواه على ما فهم وأخطأ ، لأن معناه أن السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة ، وليس فيه تعرض لذكر التسمية ، وانضم إلى ذلك أمور : منها أنه ثبت عن أنس أنه سئل عن الافتتاح بالتسمية ، فذكر أنه لا يحفظ شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد يطلق اسم العلة على غير ذلك من الأسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصحة إلى حال الضعف ، المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلة في الأصل ، ولذلك نجد في كثير من كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ ، ونحو ذلك من أنواع الجرح - وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات ، بأن يحدثوا له علة فيخفى عليهم علمها ، فيصير الحديث معلولا ، والحجة فيه الحفظ والفهم والمعرفة لا غير .
وقال عبد الرحمن بن مهدي - معرفة الحديث " إلهام " فلو قلت للعالم يعلل الحديث من أين هذا ؟ لم يكن له حجة .
ومن أنواع الحديث : المصحف والمحرف ذكرنا من قبل [1] نقلا عن العلامة البطليوسي أن من أسباب الخلاف الذي عرض للأمة ، التصحيف ولم نتكلم عنه هناك ، وإليك شيئا منه هنا .
والمصحف هو ما وقعت المخالفة فيه بتغير النقط في الكلمة مع بقاء صورة الخط فيها ، ومثاله حديث : من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال ، فجعلت شيئا والتصحيف كما يقع في المتن ، يقع في الإسناد ، ومثال فيه تصحيف بعض المحدثين ابن مراجم وهو بالراء والجيم بابن مزاحم . ويراجع ما قاله فيه البطليوسي هناك .
وقال ابن الصلاح :
معرفة المصحف من أسانيد الأحاديث ومتونها - فن جليل ينهض بأعبائه