وقد بلغ من دهاء كعب الأحبار واستغلاله لسذاجة أبي هريرة وغفلته ، أن كان يلقنه ما يريد بثه في الدين الإسلامي من خرافات وترهات حتى إذا رواها أبو هريرة عاد هو فصدق أبا هريرة ، وذلك ليؤكد هذه الإسرائيليات وليمكن لها في عقول المسلمين - كأن الخبر قد جاء عن أبي هريرة وهو في الحقيقة عن كعب الأحبار .
وإليك مثلا من ذلك نختم به ما ننقله من الأحاديث التي رواها أبو هريرة عن النبي ، وهي في الحقيقة من الإسرائيليات حتى لا يطول بنا القول :
روى الإمام أحمد عن أبي هريرة أن رسول الله قال :
إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ، اقرأوا إن شئتم " وظل ممدود " .
ولم يكد أبو هريرة يروي هذا الحديث حتى أسرع كعب فقال : صدق والذي أنزل التوراة على موسى ، والفرقان على محمد ، لو أن رجلا ركب حقة أو جذعة ثم دار بأعلى تلك الشجرة ما بلغها حتى يسقط هرما ! إن الله تعالى غرسها بيده ونفخ فيها من روحه ، وإن أفنانها لمن وراء أستار الجنة وما في الجنة نهر إلا وهو يخرج من أصل هذه الشجرة . وهكذا يتعاونان على نشر مثل هذه الخرافات ، ومن العجيب أن يروي هذا الخبر الغريب وهب بن منبه في أثر غريب فيرجع إليه من أراده [1] .
وفي فصل الإسرائيليات الذي مر بك أحاديث كثيرة من مثل ذلك .
ولما روى أن رسول الله قال : " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا ودما خير من أن يمتلئ شعرا " قالت عائشة : لم يحفظ إنما قال : " . . من أن يمتلئ شعرا هجيت به [2] " .