كيف سوغ كثرة الرواية !
كان أبو هريرة يسوغ كثرة الرواية عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بأنه ما دام لا يحل حراما ولا يحرم حلالا ، فإنه لا بأس من أن يروى . وقد أيد صنيعه هذا بأحاديث رفعها إلى النبي ، ومنها ما رواه الطبراني في الكبير عن أبي هريرة أن رسول الله قال :
" إذا لم تحلوا حراما ولم تحرموا حلالا وأصبتم ، المعنى فلا بأس " .
وقال أيضا إنه سمع النبي يقول :
" من حدث حديثا هو لله عز وجل رضا فأنا قلته وإن لم أكن قلته " ، روى ذلك ابن عساكر في تاريخه .
وأخرج الطحاوي عن أبي هريرة : " إذا حدثتم عني حديثا تعرفونه ولا تنكرونه فصدقوا به ، قلته أم لم أقله ، فإني أقول ما يعرف ولا ينكر ، وإذا حدثتم عني حديثا تنكرونه ولا تعرفونه فكذبوا به ، فإني لا أقول ما ينكر ولا يعرف " [1] .
روى ذلك وغيره على حين أن الثابت عن النبي أنه قال : " من نقل عني ما لم أقله فليتبوأ مقعده من النار " وقد اضطر عمر أن يذكره بهذا الحديث لما أوغل في الرواية .
تدليسه :
ذكر علماء الحديث أن أبا هريرة كان يدلس - والتدليس كما عرفوه أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه أو عمن عاصره ولم يقله ، موهما أنه سمعه منه ، والتدليس أنواع كثيرة ، وحكمه أنه مذموم كله على الإطلاق [2] ، وقد كره التدليس جماعة من العلماء ، وكان شعبة [3] أشد الناس إنكارا لذلك حتى قال : لأن أزني أحب إلي من أن أدلس ! وقال أيضا : التدليس أخو الكذب .
ومن الحفاظ من جرح من عرف بهذا التدليس من الرواة فرد روايته مطلقا