ولم يقفوا عند ذلك بل كان من رواياتهم أن النبي صلوات الله عليه ولم ينج من نخسة الشيطان إلا بعد أن نفذت الطعنة إلى قلبه - وكان ذلك بعملية جراحية تولتها الملائكة بآلات جراحية مصنوعة من الذهب ! ونصب هذه الروايات أن صدره صلوات الله عليه قد شق وأخرجت منه العلقة السوداء ! وحظ الشيطان - كما يقولون - وكأن العملية الأولى لم تنجح فأعيد شق صدره ، ووقع ذلك مرات عديدة بلغت خمسا ، وأربع منها باتفاق كما يقولون ، في الثالثة من عمره ، وفي العاشرة ، وعند مبعثه ، وعند الإسراء . ومرة خامسة فيها خلاف [1] وقد قالوا ، إن تكرار الشق إنما هو زيادة في تشريف النبي !
وإن هذه العملية الجراحية لتشبه من بعض الوجوه عملية صلب السيد المسيح عليه السلام ، وهو لم يرتكب ذنبا يستوجب هذا الصلب ، وإنما ذكروا ذلك لكي يغفر الله خطيئة آدم التي احتملها هو وذريته من بعده إلى يوم القيامة ، وأصبحت في أعناقهم جميعا ، وتنص العقيدة المسيحية أنه لا يظفر بهذا الغفران إلا من يؤمن بعقيدة الصلب .
ولئن قال المسلمون لإخوانهم المسيحيين : ولم يغفر الله لآدم خطيئته بغير هذه الوسيلة القاسية التي أزهقت فيها روح طاهرة بريئة ، هي روح عيسى عليه السلام بغير ذنب ؟ قيل لهم : ولم لم يخلق الله قلب رسوله الذي اصطفاه كما خلق قلوب إخوانه من الأنبياء المرسلين - والله أعلم حيث يجعل رسالته - نقيا من العلقة السوداء وحظ الشيطان بغير هذه العملية الجراحية التي تمزق فيها صدره وقلبه مرار عديدة !