أخرج الترمذي عن عبد الله بن سلام [1] - وهو أحد كبار اليهود الذين أسلموا - أنه مكتوب في التوراة في السطر الأول : محمد رسول الله عبده المختار ، مولده مكة ومهاجره طيبة ، وأخرج كذلك ، مكتوب في التوراة صفة النبي وعيسى بن مريم يدفن معه .
وهذا الذي أخرجه الترمذي عن ابن سلام قد أحكمه الداهية كعب : فقد وي الدارمي عنه - في صفة النبي في التوراة قال : في السطر الأول محمد رسول الله عبده المختار ، مولده مكة ومهاجره طيبة وملكه بالشام [2] .
وقد بحثنا عن السطر الثاني من هذه الأسطورة حتى وجدناه في سنن الدارمي كذلك عن الداهية الأكبر كعب : فقد روى ذكوان عنه قال :
في السطر الأول محمد رسول الله عبده المختار ، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب بالأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر ، مولده بمكة وهجرته بطيبة وملكه بالشام [3] .
وفي السطر الثاني : محمد رسول الله أمته الحمادون ، يحمدون الله في السراء والضراء ، يحمدون الله في كل منزل ، ويكبرون على كل شرف ، رعاة الشمس يصلون الصلاة إذا جاء وقتها ولو كانوا على رأس كناسة ، ويأتزرون على أوساطهم ويوضئون أطرافهم ، وأصواتهم بالليل في جو السماء كأصوات النحل .
وهذا الكلام قد أورده ابن سعد في طبقاته عن ابن عباس في جواب لكعب ، وقد امتدت هذه الخرافة إلى أحد تلاميذ كعب عبد الله بن عمرو بن العاص .
فقد روى البخاري عن عبد الله بن يسار قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله في التوراة ، قال : أجل ، والله [4] إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا