واتصل التابعون بابن جريج - وهؤلاء كانت لهم معلومات يروونها عن التوراة والإنجيل وشروحها وحواشيها ، فلم ير المسلمون بأسا من أن يقصوها بجانب آيات القرآن فكانت منبعا من منابع التضخم " ا ه [1] .
من أجل ذلك كله أخذ أولئك الأحبار يبثون في الدين الإسلامي أكاذيب وترهات ، يزعمون مرة أنها في كتابهم أو من مكنون علمهم ، ويدعون أخرى أنها مما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي في الحقيقة من مفترياتهم ، وأنى للصحابة أن يفطنوا لتمييز الصدق من الكذب من أقوالهم وهم من ناحية لا يعرفون العبرانية [2] التي هي لغة كتبهم ، ومن ناحية أخرى كانوا أقل منهم دهاء وأضعف مكرا ، وبذلك راجت بينهم سوق هذه الأكاذيب ، وتلقى الصحابة ومن تبعهم كل ما يلقيه هؤلاء الدهاة بغير نقد أو تمحيص ، مغتبرين أنه صحيح لا ريب فيه .
وقبل أن نعرض لبيان بعض الإسرائيليات التي امتلأت بها كتب التفسير والحديث والتاريخ ، نؤرخ هنا بإيجاز لزعماء هؤلاء الأحبار : كعب ووهب ، وعبد الله بن سلام .
كعب الأحبار [3] هو كعب بن ماتع الحميري من آل ذي رعين ، وقيل من ذي الكلاع ، ويكنى أبا إسحاق من كبار أحبار اليهود ، وعرف بكعب الأحبار وأسلم في عهد عمر على التحقيق وسكن المدينة في خلافته ، وكان معه في فتح القدس ، ثم تحول إلى الشام