استطاعة كل ذي هوى أو دخلة سيئة ، أن يتدسس إليه بالافتراء ، ويسطو عليه بالكذب ، ويسر لهم كيدهم أن وجدوا الصحابة يرجعون إليهم في معرفة ما لا يعلمون من أمور العالم الماضية - واليهود بما لهم من كتاب ، وما فيهم من علماء ، كانوا يعتبرون أساتذة العرب فيما يجهلون من أمور الأديان السابقة ، إن كانوا مخلصين صادقين .
قال الحكيم بن خلدون [1] عندما تكلم عن التفسير النقلي ، وأنه كان يشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود : والسبب في ذلك أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم ، وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية ، وإذا تشوفوا إلى معرفة شئ مما تتشوف إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود ، فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ، ويستفيدونه منهم [2] ، وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى ، مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله ابن سلام وأمثالهم ، فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم . . وتساهل المفسرون في مثل ذلك وملأوا كتب التفسير بهذه المنقولات وأصلها كلها كما قلنا من التوراة ، أو مما كانوا يفترون .
وقال في موضع آخر من مقدمته [3] :
" وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين ، وأئمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع ، لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا أو سمينا ، لم يعرضوها على أصولها ، ولا قاسوها بأشباهها ، ولا سبروها بمعيار الحكمة ، والوقوف على طبائع الكائنات ، وتحكيم النظر والبصيرة في الأخبار ، فضلوا عن الحق ، وتاهوا في بيداء الوهم والغلط .
وقال الدكتور أحمد أمين :
اتصل بعض الصحابة بوهب بن منبه وكعب الأحبار وعبد الله بن سلام ،