ولا نستقصي كل ما جاء في فضل الشام لأنه يملأ مصنفات كما قال ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم [1] :
وقد صنف طائفة من الناس مصنفات في فضائل بيت المقدس وغيره من البقاع التي بالشام ، وذكروا فيها من الآثار المنقولة عن أهل الكتاب وعمن أخذ عنهم ما لا يحل للمسلمين أن يبنوا عليه دينهم ، وأمثل من نقل عنه تلك الإسرائيليات كعب الأحبار ، وكان الشاميون قد أخذوا عنه كثيرا من الإسرائيليات .
أصل قرية الأبدال كان مما خصوا به بلاد الشام من الفضل - بعد أن وصفوها وأهلها بما وصفوا - أن جعلوا منها " الأبدال " ، وقد كانت هذه العقيدة من عوامل هدم الإسلام إذ اتخذها الصوفية أصلا لطريقتهم ، وبنوا عليها ما بنوا من أوهامهم وخرافاتهم .
روى الواقدي [2] أن معاوية لما عاد من العراق إلى الشام بعد بيعة الحسن ( سنة 41 ه ) خطب فقال : أيها الناس إن رسول الله قال : إنك ستلي الخلافة من بعدي ! فاختر الأرض المقدسة فإن فيها الأبدال - وقد أخبرتكم فالعنوا أبا تراب !
- أي علي بن أبي طالب - فلما كان من الغد كتب كتابا ثم جمعهم فقرأه عليهم وفيه : هذا كتاب كتبه أمير المؤمنين معاوية صاحب وحي الله الذي بعث محمدا نبيا وكان أميا لا يقرأ ولا يكتب ، فاصطفى له من أهله وزيرا كاتبا أمينا ، فكان الوحي ينزل على محمد وأنا أكتبه وهو لا يعلم ما أكتب ، فلم يكن بيني وبين الله أحد من خلقه ، فقال الحاضرون : صدقت [3] !
وما كاد معاوية يذكر أن الشام أرض الأبدال حتى ظهرت أحاديث مرفوعة عن هؤلاء الأبدال نذكر منها ما يلي [4] :
1 - الأبدال في هذه الأمة ثلاثون رجلا ، قلوبهم على قلب إبراهيم خليل