ومنهم من يضع لنصرة مذهبه ، ومنهم من يضع حسبة وترغيبا ، ومنهم من أجاز وضع الأسانيد بكلام حسن ، ومنهم من قصد التقرب إلى السلطان ، ومنهم القصاص يروون أحاديث ترقق وتنفق [1] ا ه .
ولأن الكلام قد طال في هذا الأمر فإنا نكتفي بما أوردناه .
أما وضاع الحديث فكانوا كثيرين لا يحصيهم العدد وقد قالوا إن أشهرهم أربعة :
ابن أبي يحيى في المدينة ، والواقدي في بغداد ، ومقاتل بن سليمان بخراسان ، ومحمد ابن سعيد بالشام [2] .
وإليك مثلا واحدا من أمثلة الوضع للتقرب من الملوك والأمراء :
كان الرشيد يعجبه الحمام واللهو به ، فأهدى إليه حمام وعنده أبو البختري القاضي [3] فقال : روى أبو هريرة عن النبي أنه قال : لا سبق إلا في خف أو حافر أو جناح - فزاد جناح ، وهي لفظة وضعها للرشيد ، فأعطاه جائزة سنية .
ولما خرج قال الرشيد والله لقد علمت أنه كذاب - وأمر بالحمام أن يذبح ، فقيل :
وما ذنب الحمام ؟ قال : من أجله كذب على رسول الله !
الوضع السياسي أو الوضع للسياسة ولا بد لنا قبل أن نختم هذا الفصل أن نكشف عن ناحية خطيرة من نواحي الوضع في الحديث كان لها أثر بعيد في الحياة الإسلامية ، ولا يزال هذا الأثر يعمل عمله في الأفكار العفنة والعقول المتخلفة والنفوس المتعصبة ، ذلك أن السياسة قد دخلت في هذا الأمر وأثرت فيه تأثيرا بالغا فسخرته ليؤيدها في حكمها ، وجعلته من أقوى الدعائم لإقامة بنائها . .
وقد علا موج هذا الوضع السياسي وطغى ماؤه في عهد معاوية الذي أعان عليه وساعده بنفوذه وماله ، فلم يقف وضاع الحديث عند بيان فضله والإشادة بذكره