responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أضواء على السنة المحمدية نویسنده : محمود أبو رية    جلد : 1  صفحه : 119


الجماعة قد انصدع ، وانفصمت عرى الوحدة بينهم ، وتفرقت بهم المذاهب في الخلافة ، وأخذت الأحزاب في تأييد آرائهم ، كل ينصر رأيه على رأي خصمه ، بالقول والعمل ، وكانت نشأة الاختراع في الرواية والتأويل ، وغلا كل قبيل فافترق الناس . . . إلخ [1] .
الحديث الموضوع والحديث الموضوع هو المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) زورا وبهتانا سواء أكان ذلك عمدا أم خطأ .
ووضع الحديث على رسول الله كان - كما قال أحد الأئمة - أشد خطرا على الدين وأنكى ضررا بالمسلمين من تعصب أهل المشرقين والمغربين . وإن تفرق المسلمين إلى شيع وفرق ومذاهب ونحل لهو أثر من آثار الوضع في الدين .
وقال المرتضى اليماني في كتابه " إيثار الحق " : إن معظم ابتداع المبتدعين من أهل الإسلام إنما يرجع إلى هذين الأمرين الواضح بطلانهما وهما : الزيادة في الدين والنقص منه ، ومن أنواع الزيادة في الدين - الكذب عليه .
وقال النووي في شرح مسلم نقلا عن القاضي عياض :
الكاذبون ضربان : أحدهما - ضرب عرفوا بالكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أنواع : منهم من يضع ما لم يقله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أصلا كالزنادقة وأشباههم ممن لم يرج لله وقارا إما حسبة بزعمهم وتدينا كجهلة المتعبدين [2] الذين وضعوا الأحاديث في الفضائل والرغائب ، وإما إغرابا وسمعة كفسقة المحدثين ، وإما تعصبا واحتجاجا كدعاة المبتدعة ومتعصبي المذاهب ، وإما إشباعا لهوى أهل الدنيا فيما أرادوه ، وطلب الفوز لهم فيما أتوه [3] . ومنهم من



[1] ص 7 و 8 من الطبعة الأولى من رسالة التوحيد .
[2] سنتكلم في آخر الفصل عن الوضاع الصالحين .
[3] قالت دائرة المعارف الإسلامية : بعد وفاة محمد ( ص ) لم تستطع الآراء والمعاملات الدينية الأصلية التي سادت في الرعيل الأول أن تثبت على حالها من غير تغيير - فقد حل عهد للتطور جديد ، وبدأ العلماء يدخلون شيئا من التطور في نظام مرتب من الأعمال والعقائد يتواءم والأحوال الجديدة . فقد أصبح الإسلام بعد الفتوح العظيمة يبسط سيادته على مساحات شاسعة واستعير من الشعوب المغلوبة على أمرها آراء ونظم جديدة وتأثرت حياة المسلمين وأفكارهم حين ذاك في كثير من النواحي لا بالنصرانية والإسرائيلية وحدهما ، بل بالهلينية والزرادشتية والبوذية كذلك . وعلى أية حال فإن المسلمين التزموا أيما التزام المبدأ القائل : إن سنة النبي والسابقين الأولين في الإسلام هي وحدها التي يمكن أن تكون القانون الخلقي للمؤمنين ، وسرعان ما أدى هذا بالضرورة إلى وضع الأحاديث فاستباح الرواة لأنفسهم اختراع أحاديث تتضمن القول أو الفعل ، وينسبونها إلى النبي لكي تتفق وآراء العصر التالي ، وكثرت الأحاديث الموضوعة وتداولها الناس منسوبة إلى النبي بحيث تجعله يقول أو يفعل شيئا مما كان بعد ذلك العصر من الأمور المستحسنة ، وظهرت في الحديث أقوال مأخوذة من أقوال الرسل والأناجيل المنحولة ، ومن الآراء الإسرائيلية والعقائد الفلسفية اليونانية إلخ تلك الآراء التي لقيت الحظوة عند فريق معين من المسلمين ، ونسبت كل هذه الأقوال إلى النبي - ولم يتورع الناس عند ذاك أن يجعلوا النبي يفصل على هذا النحو القصصي ( حذفنا من هنا كلمة الأساطير لأن قلمنا لم يطاوعنا على إثباتها ) التي وردت موجزة في القرآن ويدعو إلى آراء ومعتقدات جديدة إلخ بل كان كثير من هذه الأحاديث الموضوعة المنسوبة إلى النبي تتناول الأحكام كالحلال والحرام والطهارة وأحكام الطعام والشريعة وآداب السلوك ومكارم الأخلاق والعقائد ويوم الحساب والجنة والنار إلخ . ومع مضي الزمن ازداد ما روي عن النبي من قول أو فعل شيئا فشيئا في عدده وفي غزارته ، وفي القرون الأولى التي تلت وفاة الرسول عظم الخلاف بين المسلمين على جملة من الآراء في مسائل تختلف طبائعها أشد الاختلاف ، وعملت كل فرقة على تأييد رأيها على قدر ما تستطيع بقول أو تقرير منسوب إلى النبي ، ومن استطاع أن يرد رأيه إلى أثر من آثار النبي فهو على الحق من غير شك ، ولهذا كثرت الأحاديث الموضوعة المتناقضة أشد التناقض في سنة محمد صلى الله عليه وآله - وفي الخلافات الكبيرة التي نشأت عن العصبية جرى كل فريق على التوسل بمحمد " ص " . . فمثلا أنه قد نسب إلى النبي قول يتنبأ به بقيام دولة العباسين ، وجملة القول أنهم جعلوه يتنبأ على نحو تمتزج فيه الرؤية بالنبوة بما جرى بعد ذلك من حوادث سياسية وحركات دينية ، بل بالظواهر الاجتماعية الجديدة التي نشأت من الفتوح العظيمة " كازياد الشرف " وكان غرضهم من ذلك " تبرير " كل أولئك في نظر الجماعة الإسلامية الجديدة . وهناك قسم خاص من هذه الأحاديث التنبئية وضعت في صورة أقوال نسبت إلى محمد ( ص ) تتعلق بفضائل أما كن متعددة ونواح لم يفتحها المسلمون إلا في عصر متأخر . وعلى هذا لا يمكن أن نعد للكثرة من الأحاديث وصفا تاريخيا صحيحا لسنة النبي بل هي على عكس ذلك تمثل آراء اعتنقها بعض أصحاب النفوذ في القرن الأولى بعد محمد " ص " ونسبت إليه عند ذلك فقط ( ص 330 - 335 ج‌ 7 ) . يظن بعض الجهلاء أن نقلنا لمثل هذه الكلمة هو لكي نجعلها من أدلتنا ويعدون ذلك من مآخذهم علينا ، ولا يدركون أننا إذ نفعل ذلك إنما نبين لهم ولإخوانهم من الجاهلين أن المستشرقين يعلمون من أمر ديننا ما لم يعلموا - وسبحان واهب العقول !

نام کتاب : أضواء على السنة المحمدية نویسنده : محمود أبو رية    جلد : 1  صفحه : 119
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست