العلة السابعة وهي أن يسمع المحدث بعض الحديث ويفوته سماع بعضه : كنحو ما روي من أن عائشة رضي الله عنها ، أخبرت أن أبا هريرة حدث أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " إن يكن الشؤم ففي ثلاث : الدار والمرأة والفرس [1] " ، وهذا الحديث معارض لقوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " لا عدوي ولا هامة ولا صفر ولا غول " - وقد روي في أحاديث عنه كثيرة أنه ( صلى الله عليه وسلم ) نهى عن التطير ، فغضبت عائشة ( رضي الله عنها ) وقالت : والله ما قال هذا رسول الله قط ، وإنما قال :
" أهل الجاهلية يقولون إن يكن الشؤم ففي ثلاث : الدار والمرأة والفرس " ، فدخل أبو هريرة فسمع الحديث ولم يسمع أوله - وهذا غير منكر أن يعرض لأن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان يذكر في مجلسه الأخبار حكاية ويتكلم بما لا يريد به أمرا ولا نهيا ولا أن يجعله أصلا في دينه وشيئا يستسن به ، وذلك معلوم من فعله ، مشهور من قوله .
العلة الثامنة وهي نقل الحديث من الصحف دون لقاء الشيوخ والسماع عن الأئمة - وهذا باب عظيم البلية والضرر في الدين فإن كثير من الناس يتسامحون فيه جدا وأكثرهم إنما يعول على إجازة الشيخ له دون لقائه ، والضبط عليه يأخذ بعد ذلك علمه من الصحف المسودة والكتب التي لا يعلم بصحتها من سقمها .
وربما كانت مخالفة لرواية شيخه ، فيصحف الحروف ، ويبدل الألفاظ ، وينسب جميع ذلك إلى شيخه ظالما له - وقد صار علم أكثر الناس في زماننا هذا على هذه الصفة ليس بأيديهم من العلم غير أسماء الكتب ا ه باختصار [2] .