العلة الرابعة وهي التصحيف [1] ، وهي أيضا باب عظيم الفساد في الحديث جدا - وذلك أن كثيرا من المحدثين لا يضبطون الحروف ، ولكنهم يرسلونها إرسالا غير مقيدة ولا مثقفة اتكالا على الحفظ ، فإذا غفل المحدث عما كتب مدة من زمانه ثم أحتاج إلى قراءة ما كتب ، أو قرأه غيره ، فربما رفع المنصوب ، ونصب المرفوع - فانقلبت المعاني إلى أضدادها ، وربما تصحف له الحرف بحرف آخر لعدم الضبط فيه ، فانعكس المعنى إلى نقيض المراد به - وذلك أن هذا الخط العربي شديد الاشتباه ، وربما لم يكن بين المعنيين المتضادين غير الحركة أو النقطة ، كقولهم مكرم بكسر الراء إذا كان فاعلا ، ومكرم بفتح الراء إذا كان مفعولا ، ورجل أفرع بالفاء إذا كان تام الشعر ، وأقرع بالقاف لا شعر في رأسه . وفي الحديث - كان رسول الله أفرغ . وقد جاءت من هذا الباب أشياء طريفة من المحدثين نحو ما يروى عن يزيد بن هارون أنه روي : كنا جلوسا حول بشر بن معاوية وإنما هو حول بسر بن معاوية ، وكما روى عبد الرزاق : يقاتلون خور كرمان ، وإنما هو خوز ( بالزاي معجمة ) .
وهذا النوع كثير جدا وقد وضع فيه الدارقطني رحمه الله كتابا مشهورا سماه " تصحيف الحفاظ " .
ومن ظريف ما وقع منه في كتاب مسلم ومسنده الصحيح : نحن يوم القيامة على كذا - أنظر - وهذا شئ لا يتحصل له معنى ، وهكذا تجده في كثير من النسخ وإنما هو " نحن يوم القيامة على كوم ) والكوم جمع كومة وهو المكان