يكن من هديه ( صلى الله عليه وسلم ) دائما ، بل كان ينوع ، فتارة ينصرف في الغلس كما هو صريح حديث عائشة المتقدم . وتارة ينصرف حين تتميز الوجوه وتتعارف ويحضرني الآن في ذلك حديثان : الأول : حديث أبي برزة الأسلمي قال : " كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ينصرف من الصبح فينظر الرجل إلى وجه جليسه الذي يعرف فيعرفه " . أخرجه الستة إلا الترمذي والبيهقي وأحمد وقد خرجته في " صحيح أبي داود " ( 426 ) ، وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة ( 1 / 125 / 1 ) والطحاوي ( 1 / 105 ) والسراج ( ق 99 / 1 ) واللفظ له . الثاني : حديث أنس بن مالك ، يرويه شعبة عن أبي صدقة مولى أنس - وأثنى عليه شعبة خيرا - قال : " سالت أنسا عن صلاة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يصلى الظهر إذا زالت الشمس ، والعصر بين صلاتكم هاتين ، والمغرب إذا غربت الشمس ، والعشاء إذا غاب الشفق ، والصبح إذا طلع الفجر إلى أن ينفسح البصر " أخرجه النسائي ( 1 / 94 - 95 ) وأحمد ( 3 / 129 ، 169 ) والسياق له وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين غير أبي صدقة هذا واسمه نوبة الأنصاري البصري ، أورده ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 5 ) وسمى أباه كيسان الباهلي وقال : " روى عنه شعبة ومطيع بن راشد " . قلت : وذكر في الرواة عنه في " التهذيب " أبا نعيم ووكيعا . وما أظن ذلك إلا وهما فإنهما لم يدركاه ولا غيره من التابعين . ورواية شعبة عنه توثيق له ، لا سيما وقد أثنى عليه صراحة في رواية أحمد ، وهذه فائدة لا تجدها في كتب الرجال ، وقد فاتت الحافظ نفسه فإنه نقل عن الذهبي أنه . قال هو ثقة روى عنه شعبة فقال الحافظ : " يعني وروايته عنه توثيق له " . ولم . يزد على ذلك ! ولحديث أنس هذا طريق أخرى أخرجها السراج في مسنده فقال ( ق 92 / 1 )