الفصل وأما قصوره الذي أظهره في الاعتراض علي في توثيق الحارث لكونه شيعيا ، فهو أن توثيق الشيعي ليس بأمر منكر ، ولا بالطريق الصعب ، ولا بالسبيل الوعر .
بل الراوي الشيعي كغيره من الرواة ، إن كان ثقة ضابطا فحديثه صحيح مقبول ، يجب الأخذ به ويحرم رده .
وعلى هذا عمل أهل الحديث قاطبة ، وفي مقدمتهم الإمامان : البخاري ومسلم .
فلا يحصى كم عدد رواتهما من الشيعة ، بل وممن وصفوا بالغلو في التشيع .
فإخراج أحاديثهم في صحيحهما أعظم دليل على أن الشيعي كغيره من الرواة في صحة حديثه إذا ثبت عدالته وضبطه .
وكتب الرجال ، ك " تهذيب الكمال " و " تهذيب التهذيب " و " الميزان " و " لسان الميزان " وغيرها ، مملوءة بالرواة الشيعة الذين وثقهم أئمة الجرح والتعديل .
بل تجد الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - يذكر في " لسان الميزان " رجالا من الشيعة ينقلهم من كتب رجال الشيعة للكشي والنجاشي ، وينص على توثيقهم ، ولو تتبع الانسان " اللسان " لأخرج عددا كبيرا منهم .
فلا يرد حديث الثقة الشيعي إلا من قصر نظره وقل علمه ولم يدر ما اتفق عليه أئمة الحديث والسنة من الاحتجاج بحديث الشيعي الثقة .
وكيف يردون حديثه ولا يوثقونه لأجل تشيعه ، والتشيع كان فاشيا في التابعين . فلو رد حديث الثقة الموصوف بالتشيع لرددنا من أجل ذلك جملة كبيرة من أحاديث التابعين ، وذلك يذهب عدد كبير من الأحكام الشرعية أدراج الرياح ، وهذا لا يقول به أحد ، ولم يقل به أحد ، ولن يقول به أحد ، اللهم إلا الرجل القصير النظر ، الذي لا يميز بين الليل والنهار .
قال الذهبي - رحمه الله تعالى - في ترجمة أبان بن تغلب 1 / 5 : شيعي جلد ، لكنه صدوق ، فلنا صدقة ، وعليه بدعته .