وإذا كان هذا حال سائر الرواة إلا النادر منهم جدا ، فلا ينبغي أن يحمل باللوم على من اختار توثيق الحارث .
لا سيما إذا كان ذلك الاختيار مبنيا على القواعد المقرر عند أئمة الحديث ، ومدعما بالأدلة السالمة من الوهن والضعف ، كما بينت ذلك في " الباحث " ذلك الكتاب الذي أعجب له كل من قرأه من أهل العلم السالمين من داء الشغب والشغف بنشر الحلاف بين المسلمين ، في الوقت الذي هم فيه أحوج ما يكونون إلى الوفاق والإلتئام والوئام ، وجمع الكلمة على خدمة الإسلام ، وتوحيد القلوب على صد الهجمات والغارات الموجهة من أعداء الإسلام ضد المسلمين في شرق الأرض وغربها ، وطرح الترهات والخزعبلات التي يراها الجاهلون ومن في قلوبهم مرض أنها من صميم الدين ، وليست من الدين لا في قبل ولا في د بير .
وإنما أثارها المثيرون وأخرجها المضلون من زوايا الاهمال ومخابئ النسيان ، تلبية لنداء الشر وإجابة لدعوة الشيطان في التفرقة ورفع لواء التنافر والتناحر وإيغار الصدور بين أهل لا إله إلا الله ، ليسهل اجتياحهم على عدوهم ، والقضاء عليهم في عقر دارهم ، رغم ما هم فيه من بلاء .
والألباني نفسه يعلم هذا ويلمسه ، بل ويسمعه ويشاهده .
ووطنه الذي ينتمي إليه ، وعرف بالانتساب إليه ، يحكمه الشيوعيون بل المتطرفون منم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، وإخوانه يذوقون الويل والعذاب من تسلطهم ، فكان ينبغي للألباني قبل الهجوم على العلماء وأئمة السلف والسعي بين المسلمين بالفرقة بقصد أو بدون قصد ، أن يكرس جهوده ويوجه لسانه على الأقل لدعوة الألبانيين إخوانه للجهاد وقتال الشيوعيين الملاحدة .
مع أني لم أسمع عنه شيئا يتعلق بهذا الأمر مطلقا .
بل كان الواجب عليه أن يكون أول الحاملين للسلاح لتحرير بلاده من حكم الملاحدة ، وعند ذلك يعطي الدليل وألف دليل على غيرته على الإسلام ، ونصيحته لدينه ، والدفاع عن أهل ملته .
أما حمل القلم وتجريد اللسان للطعن في أئمة المسلمين وحماة الشريعة من رجال السلف والخلف والدعوة إلى الخلاف والشقاق في أمور تافهة للغاية ، فذلك لا