إذن لا بدّ من تحديد مفهوم التخليط الذي رماه به الحمصي .
ولا حاجة بنا إلى تحديد مفهوم الإعراض الذي رماه به ابن داود ، بعد أن قرأنا كتابه السرائر كلّه من ألفه إلى يائه ، فوجدناه في أحكامه من طهارته إلى دياته مأخوذاً من أخبار أهل البيت ( ، إلا أنّه قال لم يعمل بأخبار الآحاد ، فشأنه في هذا كأعلام سبقوه ممن لم يروا العمل بها كالمفيد والمرتضى وأضرابهما .
وسيأتي تفصيل ذلك في موقف المصنّف من العلماء السابقين .
أمّا التخليط الذي رماه به الحمصي ، فلم تلتق آراء العلماء في تحديده ، ولعل أكثرها تطرفاً ما جاء في قاموس الرجال : ( كان مخلّطاً في الفقه وفي الحديث في أسانيدها ومتونها ؟ وفي الأدب وفي التاريخ وفي اللغة ) [1] .
وفي هذا من التجني ما لا يخفى ، فليس المصنّف في كتابه السرائر كذلك ، وإن وجدنا بعض أوهام في الموضوعات المذكورة ، فانّها لا تصل إلى وصفه بالمخلّط فراجع .
كما انّ سيدنا الأستاذ الإمام الخوئي دام ظله في هذا المقام أحسن مقالاً وأكثر اعتدالاً ، فقد قال في معجم رجال الحديث [2] :
أمّا ما ذكره الشيخ محمود الحمصي من انّ ابن إدريس مخلط لا يعتمد على تصنيفه ، فهو صحيح من جهة وباطل من جهة .
أمّا أنّه مخلط في الجملة فمما لا شك فيه ، ويظهر ذلك بوضوح من الروايات التي ذكرها فيما استطرفه من كتاب أبان بن تغلب ، فقد ذكر فيها عدّة