الثالث كون رواة تلك الروايات موثوقاً بهم عند أولئك ، لأنّ وثوق الحلي بالرواة لا يدلّ على وثوق أولئك ، مع انّ الحلي لا يرى جواز العمل بأخبار الآحاد وإن كانوا ثقات ، والمفتي إذا أسند فتواه إلى خبر الواحد لا يوجب اجتماع مثله القطع ، خصوصاً لمن يخطّئ العمل بأخبار الآحاد ) .
وهكذا استمر في مناقشته قائلاً :
( وبالجملة فكيف يمكن أن يقال : انّ مثل هذا الإجماع إخبار عن قول الإمام عليه السلام فيدخل في خبر الواحد ، مع انّه في الحقيقة اعتماد على اجتهادات الحلي مع وضوح فساد بعضها ، فإنّ كثيراً ممن ذكر أخبار المضايقة قد ذكر أخبار المواسعة أيضاً ، وانّ المفتي إذا علم استناده إلى مدرك لا يصلح للركون إليه من جهة الدلالة أو المعارضة ، لا تؤثر فتواه في الكشف عن قول الإمام عليه السلام ) .
وعاد مرة ثانية إلى مناقشته في نفس المسألة في ذكر القرائن التي دلّت على صدق دعوى الشيخ - الطوسي - الاجماع على العمل بخبر الواحد ، فراجع ص 97 .
2 - وقال في عقب المسألة السابقة في ص 57 : ( وأوضح حالاً في عدم جواز الاعتماد ما ادعاه الحلي من الاجماع على وجوب فطرة الزوجة ولو كانت ناشزة على الزوج ، وردّه المحقق بأنّ أحداً من علماء الإسلام لم يذهب إلى ذلك ، فانّ الظاهر انّ الحلي انّما اعتمد في استكشاف أقوال العلماء على تدوينهم للروايات الدالة باطلاقها على وجوب فطرة الزوجة على الزوج ، متخيّلاً انّ الحكم معلّق على الزوجية من حيث هي زوجية ، ولم يتفطن لكون الحكم من حيث العيلولة أو وجوب الإنفاق ، فكيف يجوز الاعتماد في مثله على الاخبار بالاتفاق الكاشف عن قول الإمام عليه السلام ويقال انّها سُنّة محكية ) .