بالآيات لكيلا يكذب بها هؤلاء كما كذب من قبلهم فيستحقوا المعالجة بالعقوبة وقيل قوله ( إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ ) يجوز أن يكون إلا زائدة وتقديره ما منعنا أن نرسل بالآيات أن كذب بها الأولون أي لم يمنعنا ذلك من إرسالها بل أرسلناها مع تكذيب الأولين ومعنى أن كذب هو التكذيب كما تقول أريد أن تقوم بمعنى أريد قيامك فصل قوله تعالى : « وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً » ( 146 / 4 ) والشكر هو الاعتراف بالنعمة وذلك لا يجوز على الله تعالى معناه لم يزل الله مجازيا للشاكر على شكره في جميع عباده علما بما يستحقونه على طاعاتهم من الثواب وقيل إنما يجوز الشكر منه بمعنى الجزاء عليه كما قال وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها والجزاء ليست سيئة ولكن أطلق ذلك لازدواج الكلام وقال المرتضى إنه فاعل بمعنى مفعول كما يقال رداء ساحب بمعنى مسحوب فالشاكر بمعنى المشكور .
قوله سبحانه :
« وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ » ( 17 / 64 ) الشكور في صفات الله تعالى مجاز لأنه في الأصل هو المظهر للإنعام عليه والله تعالى لا تلحقه المنافع والمضار فيكون معناه أنه يعامل المطيع في حسن الجزاء معاملة الشاكر .
قوله سبحانه :
« الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ » ( 23 / 59 ) معنى الجبار عزيز لا ينال باهتضام والجبار مدح الباري كما قال وذم للخلق قوله ( وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا ) وأما قوله في صفة النبي عليه السلام ( وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ) قال الفراء أي لا تجبرهم على الإسلام والصحيح أي لا نتجبر عليهم لأنه لم يسمع فعال من أفعلت فصل قوله تعالى : « الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ »