ويغلبهم بالحجة من انقلاب الجماد حية على الحقيقة وقد بين الله تعالى ذلك في قوله ( وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ إلى قوله صاغِرِينَ ) قال الجبائي قوله ( فأَلْقُوا ) كفر لهم وتهديد ومعناه من كان إلقاؤه منكم حجة عنده ابتدأ بالإلقاء وقال قوم يجوز أن يكون ذلك أمرا على الحقيقة أمرهم بالإلقاء على وجه الاعتبار لا على وجه يقوي الكفر .
قوله سبحانه :
« فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى » ( 69 / 20 ) إنما قال ( يُخَيَّلُ ) لأنها لم تكن تسعى حقيقة وإنما تحركت لأنه قيل جعل داخلها زيبق فلما حميت بالشمس طلب الزيبق الصعود فتحركت العصي فظن أنها تسعى .
قوله سبحانه :
« فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى » ( 70 / 20 ) إنه لم يخف إلا من قوة التلبيس وبالتخيل ما أشفق عنده من وقوع الشبهة على من لم ينعم النظر ولا يقتضي شكه في ما أتي به فآمنه الله من ذلك وبين أن حجته يتضح للقوم بقوله ( لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلى ) يوافقه قول أمير المؤمنين عليه السلام لم يوجس موسى خيفة على نفسه أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال قوله سبحانه :
« فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ » ( 11 / 20 ) إنما علم موسى أن هذا النداء من قبل الله عز وجل بمعجز أظهره له الله كما قال في موضع آخر ( نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ ) حتى قيل له ( أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ ) .
قوله سبحانه :
« فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ » ( 12 / 20 ) قال الحسن وابن جريح ليباشر بقدمه بركة الواد المقدس وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام وقال البلخي إنه أمر بذلك على وجه الخضوع والتواضع لأن التخفي في مثل ذلك أعظم تواضعا وخضوعا وقال كعب وعكرمة لأنها