فيقول لهم : أو ما تعرفونه ؟ !
فيقولون : ما نعرفه ، هذا ممّن لم يغضب اللّه عليه ، فيقول رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : هذا حجّة اللّه على خلقه ، فيسلّم ثمّ يجاوز حتّى يأتي على صفّ الملائكة في صورة ملك مقرّب ، فتنظر إليه الملائكة فيشتدّ تعجّبهم ، ويكبر ذلك عليهم لما رأوا من فضله ، ويقولون : تعالى ربّنا وتقدّس ! إنّ هذا العبد من الملائكة نعرفه بسَمته وصفته ، غير أنّه كان أقرب الملائكة إلى اللّه عزّ وجلّ مقاماً ، فمن هناك أُلبس من النور والجمال ما لم نُلبس .
ثمّ يجاوز حتّى ينتهي إلى ربّ العزّة تبارك وتعالى ، فيخرّ تحت العرش ، فيناديه تبارك وتعالى : يا حجّتي في الأرض ، وكلامي الصادق الناطق ! ارفع رأسك ، وسل تعط ، واشفع تُشفّع .
فيرفع رأسه ، فيقول اللّه تبارك وتعالى : كيف رأيت عبادي ؟
فيقول : يا ربّ ! منهم من صانني وحافظ عليّ ولم يُضيّع شيئاً ، ومنهم من ضيّعني واستخفّ بحقّي وكذّب بي ، وأنا حجّتك على جميع خلقك .
فيقول اللّه تبارك وتعالى : وعزّتي وجلالي وارتفاع مكاني ! لأثيبنّ عليك اليوم أحسن الثواب ، ولأعاقبنّ عليك اليوم أليم العقاب .
قال : فيرجع القرآن رأسه في صورة أخرى .
قال : فقلت له : يا أبا جعفر ! في أيّ صورة يرجع ؟
قال : في صورة رجل شاحب متغيّر يُبصِره أهل الجمع ، فيأتي الرجل من شيعتنا الذي كان يعرفه ويجادل به أهل الخلاف فيقوم بين يديه فيقول : ما تعرفني ، فينظر إليه الرجل فيقول : ما أعرفك ، يا عبد اللّه !
قال : فيرجع في صورته التي كانت في الخلق الأوّل ، ويقول : ما تعرفني ؟
فيقول : نعم ، فيقول : القرآن أنا الذي أسهرت ليلك ، وانصبت عيشك ، سمعت الأذى ، ورجمت بالقول فيّ ، ألا وأنّ كلّ تاجر قد استوفى تجارته ، وأنا وراءك اليوم .
قال : فينطلق به إلى ربّ العزّة تبارك وتعالى فيقول : يا ربّ ، يا ربّ ! عبدك ، وأنت أعلم به قد كان نصباً فيّ مواظباً عليّ يُعادى بسببي ، ويحبّ فيّ ويبغض ، فيقول اللّه