الاجتماعية ، وهذه الأفكار من القواعد الأساسية للرسالة والعقيدة الاسلامية . إضافة إلى أن مجتمع أهل الكتاب كان يؤمن بهذه الأصول جميعها مع بعض الاختلاف في تفصيلها ، فكان من الضروري أن يؤكد القسم المكي تأسيس هذه الأصول وتوضيح المفاهيم العامة عنها ، انسجاما مع طبيعة المرحلة المكية التي تعتبر مرحلة متقدمة ، كما أن بيانها في هذه المرحلة يجعل المرحلة الثانية المدنية في غنى عن بيانها مرة أخرى ، وتكون الحاجة حينئذ إلى تناول التفصيلات الأخرى التي هي محل الاختلاف مع أهل الكتاب . وبالنسبة إلى الخصيصة الثالثة : فلعل تأكيد دور الأخلاق في القسم المكي دون المدني كان بسبب العوامل الثلاثة التالية : أ - إن الأخلاق تعتبر قاعدة النظام الاجتماعي في نظر الاسلام ، إضافة إلى أنها هدف رسالي في تغيير الانسان وتربيته وتكامله ، فتأكيد دورها يعني - في الحقيقة - ارساء لقاعدة النظام الاجتماعي الذي يستهدفه القرآن ، وتحقيقا للهدف في تربية الانسان ورقيه . ب - إن الدعوة كانت بحاجة - من اجل نجاحها - إلى استثارة العواطف الانسانية الخيرة والفطرة السليمة ، ليكون نفوذها في المجتمع وتأثيرها في الافراد عن طريق مخاطبة هذه العواطف ، والأخلاق هي الأساس الحقيقي لكل هذه العواطف ، وهي الرصيد الذي يمدها بالحياة والنمو . ج - إن المجتمع المدني كان يمارس الأخلاق من خلال التطبيق الذي كان يباشره الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) بنفسه ، من خلال موقعه في قمة المجتمع الاسلامي ، وبذلك يكون القدوة الطبيعية لهذا المجتمع ، أو من خلال تطبيقه لهذه الأخلاق عمليا في العلاقات الاجتماعية القائمة ، بعد أن تكون المجتمع الاسلامي وقامت أركانه ، فلم يكن بحاجة - بنفس الدرجة - إلى تأكيد المفاهيم الأخلاقية ، على