على مقاومة شهواته وضبطها والصمود في وجه الاغراء وألوان الهوى المتنوعة ، وفيما يلي نموذج قرآني من نماذج تغذية هذا الصمود وتركيزه في نفوس المسلمين : قال الله تعالى : ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب * قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد ) [1] . بهذا وغيره من نماذج التربية والترويض استطاع القرآن والاسلام ان يحررا الانسان من العبودية لشهواته الداخلية التي تختلج في نفسه ، لتصبح الشهوة اداة تنبيه للانسان إلى ما يشتهيه ، لا قوة دافعة تسخر إرادة الانسان دون ان يملك بإزائها حولا أو طولا ، وقد اطلق الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) على عملية تحرير الانسان هذه من شهواته الداخلية اسم " الجهاد الأكبر " . وإذا لاحظنا قصة تحريم الخمر في الاسلام استطعنا أن ندرك - من خلال هذا المثال - مدى نجاح القرآن في تحرير الانسان المسلم من أسر الشهوة وتنمية إرادته وصموده ضدها ، فقد كان العرب في الجاهلية مولعين بشرب الخمر معتادين عليها ، حتى أصبح ضرورة من ضرورات الحياة بحكم العادة والألفة ، وشغلت الخمر جانبا كبيرا من شعرهم وتأريخهم وأدبهم ، وكثرت أسماؤها وصفاتها في لغتهم ، وكانت حوانيت الخمارين مفتوحة دائما ترفرف عليها الاعلام ، وكان من شيوع تجارة الخمر أن أصبحت كلمة التجارة مرادفة لبيع الخمر في مثل هذا الشعب المغرم بالخمر نزل القرآن الكريم بقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) [2] .