شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله . . . ) [1] . ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون ) [2] . وقد استطاع القرآن أن ينتصر على الوثنية وألوانها المختلفة ، ويصنع من المشركين أمة موحدة تؤمن بالله ، لا ايمانا نظريا فحسب بل ايمانا يجري مع دمائها وينعكس في كل جوانب حياتها . وقد كان لهذا الايمان الذي زرعه القرآن في النفوس مثل فعل السحر ، فما يدخل في قلب الانسان الا حوله انسانا آخر ، في مشاعره وعواطفه وقوة نفسه وعظمة أهدافه واحساسه بكرامته ، وفي المثالين التاليين نستطيع ان نتبين ذلك بوضوح : 1 - عن أبي موسى قال : " انتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلسه ، وعمرو ابن العاص عن يمينه وعمارة عن يساره والقسيسون جلوس سماطسن وقد قال له عمرو وعمارة : انهم لا يسجدون لك ، فلما انتهينا ، بدرنا من عنده من القسيسين والرهبان : اسجدوا للملك ، فقال جعفر : لا نسجد الا لله عز وجل " [3] . 2 - أرسل سعد قبل القادسية ربعي بن عامر رسولا إلى رستم قائد الجيوش الفارسية وأميرهم ، فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق والزرابي الحرير ، وقد جلس على سرير من ذهب وعليه تاجه المزين باليواقيت واللآلئ الثمينة ، ودخل ربعي بثياب صفيقة ، وترس وفرس قصيرة ، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط ، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد ، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه
[1] آل عمران : 64 . [2] التوبة : 31 . [3] البداية والنهاية 3 : 89 .