من جانب ، والكافرين بدعوته أو أولئك المنافقين المتظاهرين بقبولها ، ولكنهم يعادونها في مواقفهم وأعمالهم من جانب آخر . وتتخذ هذه المواجهة صورا وألوانا مختلفة متفاوتة على اختلاف مدى نجاح النبي في الدعوة ، وسعة أهدافه ، ومقدار معارضته للمفاهيم الاجتماعية السائدة . وتكاد تكون هذه المواجهة شيئا طبيعيا نتيجة الصراع الذي يدور بين الفكرة الجديدة وأنصارها والفكرة السائدة في المجتمع وحماتها . والقرآن الكريم حين يعرض هذا الموضوع في قصة موسى يريد أن يؤكد هذا المفهوم الاجتماعي والسنة التأريخية في الصراع ، وأن هذه المعارضة التي حصلت للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ليست بدعا في التأريخ ، وانما هي النتيجة الطبيعية للصراع الفكري والسياسي ، كما اننا نجد في هذا العرض للموضوع في القصة ايضاحا للأعباء التي يتحملها النبي في سبيل الدعوة ، وأنها ليست أعباء عادية يتمكن أي انسان من أن يتحملها ، وانما هي تحتاج إلى إرادة قوية وعزم شديد وتصميم عميق الجذور على السير في خط الدعوة حتى في أشد الظروف الموضوعية قسوة وأبعدها ملائمة ، ويتعرض فيها الرسول إلى ألوان من العذاب النفسي والجسدي والاخطار التي ترتبط بحياته وسمعته وشخصيته ، بل قد ينتهي الامر بأن يتعرض النبي إلى القتل والاغتيال نتيجة لذلك . وهذه الآلام قد تكون بسبب الموقف الخارجي للأعداء الظاهرين العلنيين ، وقد تكون من مرضى القلوب والنفوس أو ضعفاء الايمان والبسطاء والجهال من الناس . وحين يشير القرآن إلى ألوان المواجهة وأساليبها في هذه القصة نجد أنفسنا أمام الواقع الاجتماعي الذي كان يواجه به النبي ( صلى الله عليه وآله ) في دعوته وأمام الأساليب