وعلى هذا الأساس يمكن أن نستنتج : أن القصة سيقت لتوضيح مصير من يجادل في آيات الله ، مع ايضاح الفرق بين الأسلوب الذي يستعمله الداعية والأسلوب الذي يستعمله المجادل والكافر ، وان العذاب لا ينزل بهؤلاء إلا بعد أن تتم الحجة عليهم . وان الهداية والحجة من الوضوح بحيث يمكن أن يقتنع بها حتى أولئك الاشخاص الذين يعيشون في الوسط المتنفذ والمترف - كما هو الحال بالنسبة إلى مؤمن آل فرعون - كما انها تؤكد الدور الذي يجب أن يقوم به الانسان تجاه هداية الآخرين ، وأنها مسؤولية شرعية وانسانية يتحملها كل الناس حتى لو كان من الوسط الضال ، كما فعل مؤمن آل فرعون . وفي هذا العرض القرآني للقصة يظهر لنا أيضا هذا الامتزاج بين الرحمة والغفران ، وبين النقمة وشدة العذاب : ( غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ) [1] فان الله سبحانه يجعل تحت متناول عقول عباده وأنظارهم آياته وأدلته وبراهينه ، ويتوسل إلى هدايتهم بالوسائل المختلفة التي لا تشل عنصر الاختيار فيهم ، كل ذلك رحمة منه وفسحة لقبول التوبة والاستغفار ، ولكنه مع ذلك لا يعجزه شئ عن عقابهم أو القدرة على انزال العذاب فيهم . الموضع السادس عشر : الآيات التي جاءت في سورة الزخرف والتي تبدأ بقوله تعالى : ( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فقال اني رسول رب العالمين ) [2] والتي تختم بقوله تعالى : ( فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا ومثلا