وتتفاعل مع عوامله ومؤثراته ، وكيف تنعكس القاعدة التي يقام على أساسها التفسير في التفصيلات وطريقة التحليل والاستنتاج ؟ أ - ففي اقرار القرآن لعدد من الأعراف وألوان من السلوك التي كانت سائدة بين العرب قبل بزوغ نور الرسالة الجديدة ، قد يخيل لمن ينطلق من قاعدة خاطئة ويحاول أن يفسر القرآن بمقاييس غيره من منتجات الأرض أن ذلك الاقرار يعبر عن تأثر القرآن بالمجتمع الذي وجد فيه ، ولكن هذا التفسير لا معنى له حين ننطلق من القاعدة الصحيحة ، ونفهم القرآن الكريم بوصفه كتابا الهيا للهداية وبناء الانسانية ، بالصورة التي تعيد إليها فطرتها النقية ، وتوجهها نحو أهدافها الحقيقية الكبرى . بل نستطيع على أساس هذه القاعدة الصحيحة ان نفهم ذلك الاقرار من القرآن فهما صحيحا ، إذ ليس من الضروري لكتاب هداية من هذا القبيل ان يشجب كل الوضع الذي كانت الانسانية عليه قبله ، لان الانسانية مهما تفسد وتنحرف عن طريق الفطرة والأهداف الحقيقية الكبرى فهي لا تفسد كلها ، بل تبقى في العادة جوانب صالحة في حياة الانسانية تمثل فطرة الانسان أو تجاربه الخيرة ، فمن الطبيعي للقرآن ان يقر بعض الجوانب ويشجب أكثر الجوانب في عملية التغيير العظيم التي مارسها ، وحتى هذ الذي أقره وضعه في إطاره الخاص وربطه بأصوله وقطع صلته بالجاهلية وجذورها . ب - وفي تدرج القرآن الكريم في التشريع ، قد يخيل لمن ينطلق من القاعدة الخاطئة التي تقول ببشرية القرآن يرتبط بطبيعة عملية البناء التي يمارسها القرآن ، لان القرآن لم ينزل ليكون كتابا علميا يدرسه العلماء ، وانما نزل لتغيير الانسانية وبنائها من جديد على أفضل الأسس ، وعملية التغيير تتطلب التدرج . ج - وفي القرآن الكريم نجد كثيرا من التشريعات والمفاهيم الحضارية التي