( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ) [1] . ( . . . ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ . . . ) [2] . فان هذه الآيات وآيات كثيرة وإن جاءت بأساليب ومضامين متعددة ، كلها تصب في مصب واحد ، هو : أن القرآن الكريم وبحسب طبيعته يمكن ان يتفاعل معه الانسان العادي ، ويشكل القرآن حينئذ مصدر الهداية ويكون تبيانا لكل شئ ، مما يدل على امكانية فهم الكثير من المضامين والمعاني والهداية والنور الموجود فيه ، وبشكل مباشر ، ولا يكون هذا الفهم من التفسير بالرأي حتى إذا كان بدون الاستناد إلى رواية أو حديث معين ، وانما نتيجة لجهد الانسان الشخصي من خلال مراجعته لمجموعة المعلومات والقرائن المتوفرة عنده . وتأكيد القرآن : أنه ( . . . لسان عربي مبين ) [3] يؤكد هذه الحقيقة ، إذ إن هذه الإبانة لا يمكن ان تفترض في كتاب لا يمكن فهمه إلا بالرجوع إلى الروايات الموجودة في كتب الحديث ، لان الإبانة حينئذ لا تكون - في الواقع - إبانة للقرآن الكريم ، بل للأحاديث وهي التي ستكون ( المبين ) ، وهذا هو خلاف الافتراض في أن القرآن بنفسه فيه حالة الإبانة والتوضيح والهداية . خصوصا وأن هذه الإبانة أحيانا تنسب إلى النص القرآني من قبيل قوله تعالى : ( لسان عربي ) واللسان يعبر عن حالة النص والجانب المرتبط باللفظ لا الجانب المرتبط بالمضمون . ولذا فلا مجال لادعاء أن هذا المضمون القرآني لا نفهمه إلا من خلال الروايات