النبي الذي تم في يوم الغدير . حيث تردد النبي في ذلك خوفا من تكذيب المنافقين له ، أو ردهم لهذا الامر وادعائهم ان هذا الامر بدوافع القرابة والمحبة الشخصية ، أو قوله تعالى : ( وان كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا * ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * اذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا ) [1] . وهذا الانذار يبلغ القمة ، فيستصغر بعده كل تهديد وكل وعيد حين يقول الله تعالى : ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لاخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين ) [2] . ومن خلال هذه الآيات المتوعدة المنذرة وتلك المعاتبة المؤدبة يبدو لنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مخلوقا ضعيفا بين يدي ربه ذي القدرة القاهرة ، والقوى الكبرى والإرادة التي لا معقب لها . 3 - ويبدو لنا أيضا : كامل الوعي للفرق بين ذاته المأمورة وذات الله الامرة ، وبوعيه الكامل هذا كان ( عليه السلام ) يفرق بوضوح بين الوحي الذي ينزل عليه وبين أحاديثه الخاصة التي كان يعبر عنها بإلهام من الله ، لذلك كان يتعامل مع القرآن بطريقة خاصة ، حيث نهى ( عليه السلام ) أول العهد لنزول الوحي عن تدوين شئ عنه سوى القرآن لكي يحفظ للقرآن صفته الربانية . ويحول دون اختلاطه بشئ ليست له هذه الصفة القدسية [3] ، بينما كان عند نزول الوحي - ولو آية أو بعض آية -
[1] الاسراء : 73 - 75 . [2] الحاقة : 44 - 47 . [3] هذا النهي رواه بعض المؤرخين ، وإذا صح فهو بالنسبة إلى عامة الناس لا الخاصة منهم كعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وغيره ممن كان يميز بوضوح بين القرآن وغيره ، وان كنا نشك أصلا في وجود مثل هذا النهي ، وعلى اي حال فيكفي في هذا الامر اهتمام النبي بتدوين القرآن بشكل مضبوط على ما عرفنا في بحث ثبوت النص القرآني .