ولادة مريم للمسيح ( عليهما السلام ) وغيرهما من القضايا . ولا يصح لمحمد ( صلى الله عليه وآله ) وهو الانسان الصادق الأمين الذكي ان يذكر هذه التفاصيل التي لا وجود لها في التوراة والإنجيل ، فيصطدم بالتوراة والإنجيل دون سبب معقول ، لولا أن يكون قد تلقى ذلك عن طريق الوحي الإلهي الذي لا يستطيع مخالفته . 3 - ان سعة التشريع الاسلامي وعمقه وشموله للمجالات المختلفة من الحياة ، مع دقة التفاصيل التي تناولها ، والانسجام الكبير بين هذه التفصيلات ، برهان واضح على تلقيه ذلك عن طريق الوحي ، إذ لم يكن محمد - وهو الانسان الأمي ، الذي كان يعيش في ذلك العصر المظلم ، كما أنه قضى أكثر حياة دعوته في خضم الصراع الاجتماعي - ليتمكن بصفته أنسانا ان يفعل ذلك لولا أن يكون قد تلقى ذلك عن طريق الوحي والسماء . ج - موقف النبي من الظاهرة القرآنية شاهد على رفض نظرية الوحي النفسي [1] : إن موقف النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) من الظاهرة القرآنية هو من أفضل الشواهد على بطلان نظرية الوحي النفسي ، فقد كان النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) يدرك بشكل واضح الانفصال التام بين ذاته المتلقية والذات الإلهية الملقية من أعلى . وهذا الادراك هو حقيقة الوحي الذي أشرنا إليه سابقا ، وقد صور الرسول ( صلى الله عليه وآله ) هذا الوعي والادراك في مناسبات متعددة ، وأوضحه للمسلمين فيما روى عنه ، حيث قال : " أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما
[1] لخصنا هذا الموضوع - بتصرف - عن الدكتور صبحي الصالح في كتابه " مباحث علوم القرآن " : 28 - 38 وهو بدوره أخذه - كما يظهر - من الدكتور محمد عبد الله دراز في كتابه " النبأ العظيم " ومالك بن نبي في كتابه " الظاهرة القرآنية " .