ورقيبا وحاكما على ما فيهما من ضلالات . وجاءت هذه الرقابة دقيقة شاملة ، فلم تترك مفهوما أو حكما أو حادثة الا ووضعت المقياس الصحيح له . ولا يمكن ان نتصور محمدا ( صلى الله عليه وآله ) وهو يأخذ عن أهل الكتاب ويراهم قد أخذوا عن الوحي الإلهي ، ومع ذلك يتمكن من أن يصفهم بالجهل والتحريف والتبديل بمثل هذا اليقين والثبات ، ثم يوضح الموقف الصحيح في المسائل الكبرى التي اختلفوا فيها أو خالفوا الواقع الصحيح للديانة ، ثم تأتي نظريته بعد ذلك كاملة شاملة ودقيقة ليس فيها تناقض ولا اختلاف ! ولكن الحقيقة هي أن محمدا لم يكن قد أخذ منهم شيئا ، وانما تلقى كل ذلك عن الوحي الإلهي الذي جاء مصداقا لما سبقه من الوحي ومهيمنا على الانحراف والتحريف معا . 2 - ونجد القرآن أيضا يخالف التوراة والإنجيل في بعض الاحداث التأريخية ، فيذكرها بدقة متناهية ويتمسك بها بإصرار ، في الوقت الذي كان بإمكانه أن يتجاهل بعضها على الأقل ، تفاديا للاصطدام بالتوراة والإنجيل . ففي قصة موسى : يشير القرآن إلى أن التي كفلت موسى هي امرأة فرعون ، مع أن سفر الخروج من التوراة يؤكد انها كانت ابنته . كما أن القرآن يذكر غرق فرعون بشكل دقيق ، ولا يتجاهل حتى مسألة نجاة بدن فرعون من الغرق مع موته وهلاكه : ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وان كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون ) [1] . في الوقت الذي نجد التوراة تشير إلى غرق فرعون بشكل مبهم ، ويتكرر نفس الموقف في قضية العجل ، حيث يذكر التوراة ان الذي صنعه هو هارون ، وفي قصة