شبهة المستشرقين حول الوحي ومناقشتها : مقدمة : لقد أثار أعداء الاسلام من جاهليين قدامي ومستشرقين جدد الشبهات الكثيرة حول الوحي القرآني ، وكانت تستهدف هذه الشبهات في الغالب تأكيد أن الوحي القرآني ليس مرتبطا بالسماء وانما هو نابع من ذات محمد الانسان ( صلى الله عليه وآله ) . وقد أشار القرآن الكريم إلى بعض هذه الشبهات في مواضع مختلفة [1] ، وردد بعض المستشرقين هذه الشبهات وغيرها وحاول اضفاء طابع البحث والدراسة وسمات الموضوعية عليها ، كما هي الطريقة المضللة المتبعة لديهم في مثل هذه الحالات . ويحسن بنا أن نكون فكرة واضحة عن الوحي الذي نحن بصدد بحث الشبهة حوله ومناقشتها تمهيدا للدخول في صلب الموضوع . ما هو الوحي ؟ الوحي لغة : هو الاعلام في خفاء [2] ، ولكن ما هو الوحي الإلهي الذي اختص به الله سبحانه النبيين من عباده ، وتجلى بشكل واضح في القرآن الكريم ؟ وبصدد الإجابة عن هذا السؤال يمكن أن نقول : إن كل فكرة يدركها الانسان فهي ترتبط في وجودها - بسبب أو بآخر - بالله سبحانه وتعالى خالق الانسان ومدبر أموره ، لان الله تعالى هو مسبب الأسباب ، ولذا تنسب إليه الأشياء في القرآن الكريم ، ولكن شعور الانسان تجاه مصدر هذه الفكرة - بالرغم من إدراكه العقلي لهذه الحقيقة - قد يكون مختلفا ، ونذكر انحاء ثلاثة لهذا الشعور : أ - أن يشعر بأن الفكرة نابعة من ذاته ووليدة جهده الخاص وادراكه الشخصي .
[1] منها الأنبياء : 21 ، والدخان : 14 ، والفرقان : 5 ، والنحل : 103 ، وغيرها . [2] لسان العرب 15 : 381 مادة ( وحي ) .