سبيل ذلك بوسائل وحجج أخرى ليست من الوضوح بهذا القدر . رابعا : إن الخليفة عثمان لو كان قد ارتكب مثل هذا العمل لكان موقف الإمام علي ( عليه السلام ) تجاهه واضحا ، ولأصر على ارجاع الحق إلى نصابه في هذا الشأن ، فنحن حين نجد الامام عليا ( عليه السلام ) يأبى إلا ان يرجع الأموال التي أعطاها عثمان إلى بعض أقربائه وخاصته ويقول بشأن ذلك : " والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته ، فإن في العدل سعة ، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق " [1] . وكذلك نجد منه نفس الموقف الحازم مع ولاة عثمان المنحرفين ، فلا بد ان نجزم باستحالة سكوته عن مثل هذا الامر العظيم على فرض وقوعه . ومن هذه المناقشة التفصيلية للحالات الثلاث السابقة يتضح موقفنا من الحالة الرابعة ، فان الحجاج بن يوسف الثقفي أو غيره من الولاة لا يمكن ان نتصور فيهم القدرة على تحريف القرآن الكريم بعد أن عم شرق الأرض وغربها . كما لا نجد المبرر الذي يدعو الحجاج أو الأمويين إلى مثل هذا العمل الذي يحمل في طياته الخطر العظيم على مصالحهم ويقضي على آمالهم . جمع القرآن على عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) : جمع القرآن له معنيان : أحدهما : حفظه في الصدور على سبيل الاستيعاب لجميع آياته ، ومنها قولنا جماع القرآن اي حفاظه . والمعنى الاخر لجمعه : كتابته وتسجيله في أوراق بشكل كامل . فاما جمع القرآن بمعنى حفظه في القلب واستظهاره فقد اوتيه رسول الله قبل الجميع ، فكان ( صلى الله عليه وآله ) سيد الحفاظ وأول الجماع كما كان يرغب المسلمين باستمرار في
[1] شرح نهج البلاغة 1 : 269 فيما رده على المسلمين من قطائع عثمان .