ولا يسألانهم عن هذا الاضطراب الفاحش فيما يزعمون أنه من القرآن ولا يسألانهم عن التمييز بين بلاغة القرآن وعلوّ شأنه فيها وبين انحطاط هذه الفقرات ، ولكن أليس للمعرفة أن تسألهم عن الغلط في قولهم " غير المشركة " فهل يوصف الدين بأنّه مشركة وفي قولهم " الحنيفية المسلمة " وهل يوصف الدين أو الحنيفية بأنه مسلمة وقولهم " ان ذات الدين " وفي قولهم " انا أنزلنا المال لاقام الصلاة " ما معنى انزال المال وما معنى كونه لاقام الصلاة ! ؟ و . . . " [1] .
والحق أن سبب كلّ تلك المشكلات هو فكرة حاكمية الرّوايات على القرآن وعدم فهم طريقة القرآن في عرض تعاليم السماء من جهة ، وميل القلوب إلى أصحاب وأرباب كتب الحديث بدل تعلقها واُنسها بالكتاب السماوي من جهة أخرى ، وكلّ ذلك إنّما يحكي عن وجود فاصلة كبيرة بينهم وبين قدسية القرآن الكريم .
وما أروع ما سطّره بنان الشيخ كاشف الغطاء إذ يقول :
" يا للعجب من قوم يزعمون سلامة الأحاديث وبقاءها محفوظة وهي دائرة على الألسن ومنقولة في الكتب في مدّة ألف ومئتي سنة ، وأنّها لو حدث فيها نقص لظهر واستبان وشاع ! ! لكنهم يحكمون بنقص القرآن وخفي ذلك في جميع الأزمان ! ! " [2] .
نعم ، فالمحققون لم يصرفوا همّهم وجهدهم إلى جمع الرّوايات فقط بل اعتنوا بأمر القرآن والسنّة بخصوص التدبّر في الآيات والدرّاية في الرّوايات [3] . وبناءً عليه