صارت مُضِلّةً ومضيّعة للإنسان ومبعدة له عن القرآن وعن السنّة الصحيحة ; إذ كيف يمكن لنا الهداية إذا كان القرآن محرّفاً والسنة غير صحيحة ؟ ذلك لأنّ القرآن إذا كان محرّفاً فلا يمكن اعتباره معياراً لمعرفة صحيح الأحاديث من سقيمها كي يتمّ الاعتماد على الصحيح منها .
وبهذه المقدّمة اتّضح أنّ ذلك العدد القليل من المحدّثين الذين يصرفون همهم إلى زيادة عدد الرّوايات دون التحرّي عن صحتها وسقمها ، قد اعتمدوا على تلك الرّوايات - التي تشعر بظاهرها على التحريف - نتيجة غفلتهم عن النكتة آنفة الذكر ، وبالتالي صارت الرّوايات عندهم حاكمة على القرآن في حال كونها مقابلة للنصوص الصريحة الواردة عن المعصومين عليهم السلام في حاكمية القرآن ، ومخالفة صراحة لظاهر القرآن الذي أوكل إلى السنّة الشريفة تبيين الوحي وتفسيره ، ومعنى هذا الإيكال هو أنّ الرّوايات في مدار تبيين الوحي صارت حجة فقط لا غير .
نعم ان هذا النوع من المحدثين لإفراطهم في التعلّق بالروايات دون القرآن ابتعدوا - من حيث لا يشعرون - عن النسج والنهج القرآني وصدر منهم كل غريب [1] . فيستحيل مثلا على كلّ من له حظّ من المعرفة بالنسج القرآني - مهما كان قليلا - أن يقول : انّه لا يوجد تناسب بين الجملتين في قوله تعالى : ( . . . وإنْ خفتم ألاّ تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء . . . ) [2] وانه قد سقط شيء بينهما ;