ذلك يسهل لنا الخطب بأن تكون في كل باب من أبواب البحار عشرات الروايات المزيدة على روايات أبواب " الكافي " مثلاً ، وهذا مثل كتاب " كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال " لعلاء الدين علي المتقي الهندي ( ت 975 ) فان الرّوايات في كلّ باب منه أكثر من الرّوايات التي في المصادر أخذ عنها كلا على انفراد ولا غرو .
وعلى هذا المنوال جرت كتب التفسير بالمأثور التي يهتمّ مؤلفوها بأن تجمع فيها الأخبار من مصادر شتّى ، فمن الطبيعي أن يوردوا في تفسير كلّ آية روايات كثيرة ربّما بلغ بعضها إلى عشرات الرّوايات - من غير تحري الصحّة - كتفسير " البرهان في تفسير القرآن " للسيد هاشم البحراني رحمه الله ( ت 1107 ) و " الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور " لجلال الدين السيوطي ( ت 911 ) .
فعلى هذا ، لا مجال لتوجيه الدكتور القفاري الاتهام في المقام بقوله : " تولّوا نشر هذه الفرية على نطاق واسع في ظلّ الحكم الصفوي . . . إلى آخر اتهاماته " فوجود الحكم الصفوي وعدمه سيّان في المقام ، طبعاً جمع الأخبار من مصادر شتّى مع تأليفه وتنسيقه من جديد في كتاب واحد ، يقتضي كمّية هائلة وحجماً واسعاً . ولا علاقة له بالدولة الحاكمة فسواء حكم الصفويون أم غيرهم ممن هو مضادّ للشيعة فالمسألة تبقى ثابتة وهي أنّ استخراج جميع الأخبار من مجموعة كتب تزيد على خمسمائة كتاب وجمعها في كتاب واحد يحتاج إلى عشرات المجلدات .
والطريف في الأمر أن الدكتور القفاري أورد مثالاً عدّه قطرة من بحر من كتاب " بحار الأنوار " لإثبات مطلوبه في فرية التّحريف فأشار إلى : " باب تأليف القرآن وإنه على غير ما أنزل الله عزّ وجلّ " [1] . وهذا الباب في الواقع لا علاقة له بتحريف القرآن ، بل العلاّمة المجلسي - وكما هو واضح من عنوان بحثه الذي هو تأليف القرآن